بنفسج

آلاء الصوص: اقتحامات يومية ورباط أبدي

السبت 23 ابريل

كل من هناك مندمجٌ في ما يفعل؛ من يصلي، ومن يقرأ القرآن، ومن يدعو الله أن يحمي بيت المقدس، ومجموعات تحفيظ القرآن في الجهة المقابلة، وأطفال يكتشفون المكان وكل زواية، يقفون ليتأملوا قبة الصخرة، يودون لو أن يلمسونها بأيديهم. ولكن سرعان ما يتبدد الأمن المؤقت. وفجأة الجميع يقفز من مكانه إثر اقتحام لجنود الاحتلال للمصلى، العجائز، والشباب، والنسوة تركض فورًا للوقوف في وجوههم، فيتحول المكان لساحة حرب بسبب همجية جنود الاحتلال المدجج بأعتى الأسلحة، فيقابلهم الفلسطيني بجسده فقط.  تقف آلاء الصوص وسط المعركة الدائرة، وترفع هاتفها المحمول لتصور الاعتداء على الفلسطينيين لتنشره للعالم وتقول: "ها هو وجه الاحتلال الحقيقي". وإذ بجندي يفاجئها بالهجوم بهرواته وينقض عليها ويضربها على يديها.

| مواجهة من مسافة صفر

آلاء ناشطة فلسطينية مقدسية تقطن في بلدة بيت حنينا، مرابطة في القدس، مهمتها توثيق الانتهاكات من جيش الاحتلال ضد المصلين في باحات الأقصى. تقول عن الحادثة التي تسببت لها في إصابة: "ضُربت من دون أي سبب، فلم أشتمه أو أتعرض له، كل ما أفعله في الأقصى أنني أوثق بكاميرا هاتفي ما يحدث هناك، تحاملت على نفسي وأنا أشعر بالألم وأكملت عملي، ثم بعدما زاد شعوري بالوجع ذهبت لعيادة المسجد الأقصى، وربطت يدي بضمادة، وعدت من جديد لتوثيق الانتهاكات بحق المصلين واقتحام الاحتلال المستمر، بعدما انتهيت فكرت في رد فعل والدتي بعد معرفتها بإصابتي، حيث يقلقني خوفها عليَّ".
 
في رمضان الحالي عايشت آلاء إجرام الاحتلال عن قرب، فقد نكل واعتقل بحوالي ٤٠٠ مصلٍ داخل المصلى القبلي بطريقة وحشية أثناء عمليات المداهمة المتواصلة، وطالت أيديهم المدججة بالسلاح المسعفين والشيوخ والصحفيين؛ إضافة لترهيب الأطفال وقمع النساء، ولم تسلم حتى أسقف وشبابيك المصلي القبلي التي كُسرت.

 آلاء ناشطة فلسطينية مقدسية تقطن في بلدة بيت حنينا، مرابطة في القدس، مهمتها توثيق الانتهاكات من جيش الاحتلال ضد المصلين في باحات الأقصى. تقول عن الحادثة التي تسببت لها في إصابة: "ضُربت من دون أي سبب، فلم أشتمه أو أتعرض له، كل ما أفعله في الأقصى أنني أوثق بكاميرا هاتفي ما يحدث هناك، تحاملت على نفسي وأنا أشعر بالألم وأكملت عملي، ثم بعدما زاد شعوري بالوجع ذهبت لعيادة المسجد الأقصى، وربطت يدي بضمادة، وعدت من جديد لتوثيق الانتهاكات بحق المصلين واقتحام الاحتلال المستمر، بعدما انتهيت فكرت في رد فعل والدتي بعد معرفتها بإصابتي، حيث يقلقني خوفها عليَّ".

في رمضان الحالي عايشت آلاء إجرام الاحتلال عن قرب، فقد نكل واعتقل بحوالي ٤٠٠ مصلٍ داخل المصلى القبلي بطريقة وحشية أثناء عمليات المداهمة المتواصلة، وطالت أيديهم المدججة بالسلاح المسعفين والشيوخ والصحفيين؛ إضافة لترهيب الأطفال وقمع النساء، ولم تسلم حتى أسقف وشبابيك المصلي القبلي التي كُسرت، تكمل آلاء: "قوات الاحتلال كانت تتعمد الترصد للشباب المعتكفين، ومن أصعب المواقف التي رأيتها هي الاعتداء الصحافي رامي الخطيب رغم أنه موظف أوقاف ومصور وصحفي، ولم يكن يحمل بجعبته غير الكاميرا".


اقرأ أيضًا: كفر قاسم-القدس وبالعكس: عن صاحبة لقب "عزيزة" الأقصى


وعن دور وسائل التواصل الاجتماعي في قضية القدس، تقول: " لقد ساعدتنا في تسليط الضوء على الانتهاكات والاعتداءات التي يمارسها الاحتلال على المقدسيين، وإيصالها لأكبر قدر ممكن من الناس حول العالم، ولقد أثبتت قضية الشيخ جراح وسلوان أن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير في توجيه الرأي العام نحو ما نريد، وإظهار وجه الاحتلال الذي يعمل بشكل مستمر على فرض سياساته التهويدية والعنصرية. كما أن توثيقنا وتغطيتنا لأحداث القدس سواء المفرحة والمحزنة تضع المتابعين والمشاهدين في قلب الحدث، ويتشاركون معنا التفاصيل التي يُصعب على وسائل الاعلام تغطيتها أولًا بأول وبشكل مباشر".

| رباط في القدس

inbound5932064882912126388.jpg
آلاء الصوص بعد إصابتها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي

آلاء المعتادة على الوجود في ساحات المسجد الأقصى منذ طفولتها تقول: "معظم ذكرياتي، والفضل لله، كانت في الأقصى، دائمًا كنا نذهب لنصلي ونجلس مع بعضنا بعضًا أنا وأفراد أسرتي وخالاتي المغتربات في باحات الأقصى، خاصةً بعد أداء صلاة الجمعة، حين نُحضر طعامنا معنا من البيت مثل المعجنات والورق الدوالي والمقلوبة، وكنا نعتبره مثل بيتنا الثاني، ومنذ كنت طفلة بالمدرسة كانت تأتي بنا مربياتنا إليه ونصلي فيه، ونذهب إلى المتحف، ونرى المقتنيات التاريخية الموجودة بداخله مثل ما نفعل الآن مع طلابنا بالمدارس والمخيمات الصيفية".

نحب الوطن ويحبنا، نؤمن بقضيتنا ونستعد لنفني حياتنا لأجلها، ونقول على الرحب والسعة، في سبيل الله والوطن. تعملت أصول النضال من والدتها الناشطة المقدسية فاطمة خضر التي وهبت حياتها للدفاع عن القضية. واظبت على الرباط وزرعت بذرة في نفوس أبنائها فطرح غرسها في آلاء التي لازمتها الرباط كمصورة لتنقل الصورة للعالم، تضيف: "والدتي إحدى مرابطات المسجد الاقصى التي أفنت حياتها له، لاجئة من قرية بير ماعين. وهي ناشطة اجتماعيًا في جميع المناسبات الوطنية والسياسية والثقافية، وتعمل على تنسيق معارض تراثية لتبرز وتسلط الضوء على أهمية التراث والتطريز الفلسطيني الذي يحاول الاحتلال سرقته ونسبه له، وهي بالمناسبة تطرز مقتنيات وقطع فنية رائعة".

الفتاة المقدسية التي تظل تردد أغنية مارسيل خليفة "تصبحون على وطن" تأمل أن تنعم مدينة القدس بالسلام والأمان الذي لم تره يومًا، وأن ترى كل الأحبة والأصدقاء ومن يتمنى أن يكحّل عينيه بالمسجد الأقصى، واقفين فاتحين مهللين بالله أكبر في الباحات يومًا ما.

كُتب على الفلسطيني اللجوء في البلدان، ولكن يظل فؤاده معلق بهواء البلاد وعبقها إلى أن يعود. تنحدر أصول عائلة آلاء إلى قرية قطنة، لكن والدها ووالدتها كانا يعيشان في حارة الشرف في البلدة القديمة بالقدس، وبعد عام ١٩٦٧ لجأوا إلى مخيم شعفاط، ومن ثم انتقلوا للعيش في السعودية، ولكن الوطن ظل حاضرًا في قلوبهم، يحملونه أيا كانوا، آمنوا بأنهما مهما تغربوا سيعودون يومًا ما، وبالفعل عادا بعد ١٥ عامًا من الفراق، وعاشا في القدس من جديد في قرية بيت حنينا شرق القدس، والتي تبعد عن البلدة القديمة مدة عشر دقائق بالسيارة.

الفتاة المقدسية التي تظل تردد أغنية مارسيل خليفة "تصبحون على وطن" تأمل أن تنعم مدينة القدس بالسلام والأمان الذي لم تره يومًا، وأن ترى كل الأحبة والأصدقاء ومن يتمنى أن يكحّل عينيه بالمسجد الأقصى، واقفين فاتحين مهللين بالله أكبر في الباحات يومًا ما.