بنفسج

فرقة نور الهدى: لأفراح بمزاج الدف والصوت الشجي

الأربعاء 06 يوليو

على وقع الضرب على الدفوف، وبالمدائح النبوية، تفتتح المنشدتان زينب أبو غضيب (54 عامًا) وزهرة القطناني (44 عامًا)، بأصواتهن الشجية حفلاتهن الخاصة بالنساء في مناسبات مختلفة، كالتهنئة بالمواليد الجدد، أو حفلات المباركة بالزواج والتخرج، أو التهنئة بخروج أسير وغيرها من المناسبات الاجتماعية. وقبل ثلاث سنوات، أسست المنشدتان فرقتهما في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، وبدأتا بشق طريقهما سويّة تحت اسم "فرقة نور الهدى الإسلامية"، لإحياء المناسبات الاجتماعية والدينية، إلى أن ذاع صيتهما في المدينة وقراها وباقي مدن الضفة.

| البذرة الأولى

 
أسست المنشدتان فرقتهما في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، وبدأتا بشق طريقهما سويّة تحت اسم "فرقة نور الهدى الإسلامية"، لإحياء المناسبات الاجتماعية والدينية، إلى أن ذاع صيتهما في المدينة وقراها وباقي مدن الضفة.
 
موهبة الإنشاد لم تكن وليدة اللحظة، فمنذ نعومة أظفارهن، شاركت زينب وزهرة في الكثير من الاحتفالات والمهرجانات الدينية، بعد أن اكتُشفت موهبتهما في حلقات القرآن وحفلات المساجد. ومنذ ذلك الوقت انطلقت زينب في المشاركة بإحياء العديد من المناسبات الدينية.

موهبة الإنشاد لم تكن وليدة اللحظة، فمنذ نعومة أظفارهن، شاركت زينب وزهرة في الكثير من الاحتفالات والمهرجانات الدينية، بعد أن اكتُشفت موهبتهما في حلقات القرآن وحفلات المساجد. وعن بداياتها مع النشيد، تقول المنشدة زينب أبو غضيب أم مصعب، وهي أم لستة أبناء: "كان عمري 18 عامًا عندما اكتشفت إحدى الداعيات خامة صوتي عند تلاوتي للقرآن الكريم في المسجد، فطلبت مني أن أنشد أنشودة، فأعجبت بصوتي كثيرًا، واصطحبتني بعدها معها للحفلات التي كانت تقام في المساجد.

ومنذ ذلك الوقت انطلقت زينب في المشاركة بإحياء العديد من المناسبات الدينية، كالهجرة والمولد النبوي في المساجد، بصحبة داعيات وواعظات، وتضيف: "الموهبة تأتي من الله، وصوتي ورثته عن والدي فقد كان، رحمه الله، صاحب صوت جميل، وأخي الأصغر كذلك، كان يشارك بإحياء الحفلات مع فرقة إسلامية في جميع مناطق الضفة الغربية".


اقرأ أيضًا: صباح الخير يا بلادي.. شلش تغني فلسطين


بعد ذلك، شاركت زينب مع فرقة الأنصاريات التابعة لطالبات الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، لإحياء الحفلات في مسجد الطالبات بالجامعة، وتقول: "على الرغم من أني لم أكن أدرس بالجامعة لكن الطالبات كنّ يطلبوني شخصيًا بالاسم". ولم تتوقف مشاركاتها على مدينة نابلس، حيث فتح انضمامها لفرقة الأنصاريات الأبواب أمامها للمشاركة في احتفالات ومهرجانات نسائية في مدن الداخل المحتل كيافا وكفر قاسم.

وعن تجربتها مع فرقة الأنصاريات تقول: "كانت تجربة رائعة جدًا، صقلت فيها شخصيتي الإنشادية، ومارست الإنشاد الذي أحبه". وشاركت أم مصعب مع فرقة الأنصاريات بتجميع الأناشيد الإسلامية للمناسبات المختلفة في كتاب بعنوان "حداء الأنصاريات"، حيث طُبع وبيع في الأسواق في ذلك الوقت، وكان مرجعًا لهن في حفظ الأناشيد الخاصة بكل مناسبة، وتمضي قائلة: "انطلقنا بعد ذلك بتنظيم حفلات الأعراس الإسلامية في كل مدن الضفة الغربية، وكان عملنا في ذلك الوقت من دون مقابل مادي".

inbound4313999328329500015.jpg

حاليًا، تستعين الفرقة بكتاب "حداء الأنصاريات" في إقامة الحفلات، إضافة إلى أناشيد المدائح والابتهالات المتوارثة، وبمنشدين إسلاميين من خلال اليوتيوب، إضافة للاستفادة من أناشيد فرق محلية أخرى. وبعد زواجها، استمرت أبو غضيب في إحياء الأعراس الإسلامية، وعن تلك المرحلة من حياتها تقول: "عندما تزوجت حينها، كان أبو مصعب صاحب صوت جميل أيضا، وكنا نذهب سوية؛ هو يحيي حفل الرجال وأنا أحيي الحفلة للنساء".

إلّا أن ظروف الحياة حالت من دون مواصلة أم مصعب طريقها بالإنشاد وإحياء الحفلات، لتعود بعد سنوات طويلة لاستغلال الموهبة التي منحها الله لها، وتشكّل مع "زهرة القطناني" ثنائيًا منسجمًا بالصوت والروح المرحة. وخلال فترة وجيزة نسبيًا، ذاع صيتهما، حتى أصبحتا تقيمان الحفلات في مختلف مدن وقرى ومخيمات الضفة، وبفخر تعلّق أم مصعب: "كل الضفة والقرى والمخيمات يعرفونا".

| أناشيد وموعظة

inbound635600091093641107.jpg

تبدأ الحفلة التي تنظمها الفرقة بتلاوة القرآن الكريم، وبعدها بمواويل المديح للرسول -صلى الله عليه وسلم-، ثم ينتقلن لترديد أناشيد الفرح حسب المناسبة التي يحيينها، فإذا كانت حفلة تهئنة بالمولود يرددن نشيدًا يمدحن به المولود الجديد وأمه، وإذا كانت مباركة للزواج يغنين للعروس، وهكذا.

تحرص المنشدتان على إعطاء موعظة دينية خلال الحفل، وتذكير الحاضرات بالصلاة على النبي وترديد بعض التسابيح والأذكار. وتنهي زينب ووزهرة حفلهما الذي يستمر  لساعتين متواصلتين، بأنشودة مدح لنساء العائلة المستضيفة، بترديد أسمائهن واحدة تلو أخرى، وسط أجواء من الفرح والضحك والزغاريد والتصفيق.

وعن مشوار زهرة قطناني أم جميل مع الإنشاد، فهو لم يختلف كثيرًا عن رفيقتها "زينب"، تحدثنا عن بداياتها قائلة: "عندما كان عمري ثلاثة عشر عامًا، سمعت إحدى الواعظات صوتي في تلاوة لقرآن والنشيد بالمسجد، ومنذ ذلك الوقت بدأت تصطحبني معها لإحياء المناسبات المختلفة في المساجد، لأشارك في النشيد والتمثيل أيضًا".

inbound2128377943209674821.jpg

خرجت زهرة من أحضان عائلة منحها الله أصواتًا شجية، ولها ميول في الإنشاد،الأمر الذي كان دافعًا لها في الاندماج بمشوار الإنشاد والبحث عن فرصة لتحقيق ذاتها في هذا المجال. تقول أم جميل، وهي أم لستة أولاد: "شاركت مع عدد من المنشدات قبل أن التقي بزينب ونشكل ثنائيًا إنشاديا، لكن وجدت في تجربتي هذه متعة وراحة أكثر من سابقاتها".

لم تتمكن زهرة من إكمال تعليمها في الثانوية العامة لظروف زواجها بسن مبكر، إلا أن إرادتها في تحقيق ذاتها جعلها تستغل كل فرصة أو مشاركة في دورات تدريبية في مختلف المجالات، لتحمل 23 شهادة في دورات متعددة، كان آخرها دورة مساج وحجامة، عدا عن حبها ونهمها لمطالعة الكتب على تنوعها.

| مفاتيح القلوب!

inbound2440769136396780819.jpg

وعلى الرغم من الظروف التي مرّت ولا زالت على  زهرة، حيث اعتُقل الاحتلال أبناءها الثلاثة خلال السنوات الأخيرة، لا يزال أحدهم قيد الاعتقال الإداري، إلا أنها ترى أن ذهابها لإحياء الحفلات يبعث في نفسها راحة، وتشغل وقتها بدلًا من أن تكون حبيسة القلق والحزن على بعدهم، حسب قولها.

وتسهب: "عند دخولنا لأي بيت نحاول أن نحصل على مفتاح قلوبهم، نعرف ما الظرف العام الذي يمرون به، هل لديهم حالة مريض أو أسير أو حتى شهيد، ونردد بعض الأدعية لهم، إضافة لأناشيد خاصة بحالتهم"، مضيفة: "لكل شيء هناك مفتاح، لذلك نحاول أن ننسجم مع أهل البيت وننشد من قلوبنا لنكسب قلوبهم ونفرحهم، فهدفنا ليس ماديًا بقدر ما يهمنا أن نُسعد أهل الحفلة".

inbound8629720809692039504.jpg

وعن موقف أثر بها تقول أم مصعب: "اتصل بي رجل في إحدى المرات يقول لي لقد أكرمني الله بمولود بعد 18 عامًا، وبعد أن سمعت عن فرقتكم آثرت أن أتصل بنفسي وأرجوكم لتقبلوا دعوتنا لإحياء حفلة التهنئة بقدوم ابني"، مضيفةً: "تلك المكالمة أثرت بي حدّ البكاء، لم أستطع أن أحبس دموعي، ومن دون تردد أخبرته بأننا سنكون حاضرين لإحياء الحفلة".

وبعيون لامعة وفخر بما تسمعانه من ثناء، تقول: "هذا يشكل دافعًا قويًا لنا ويحفزنا على الاستمرار في مشوارنا". وتشير زينب وزهرة لأهمية وجود من يتبنى الفرقة، ويدعمها ماديًا لتوفير أجهزة حديثة تعينهما وتسهّل عليهما عملهما.

ومن اللافت، حسب المنشدتين، أنه يتم طلبهما حتى من عائلات غير ملتزمة دينيًا، وعن ذلك تقول أم مصعب: "من الجميل جدًا عندما يتم طلبنا لإحياء مناسبات لعائلات غير ملتزمة دينيًا بشكل كبير، ومن فتيات صغيرات بالعمر قد يوهم الآخرون بتعلقهن بالأغاني الدارجة للمغنيين والمغنيات، لكنهن يعجبن بما نقدمه ويؤثرن أن نحيي لهن حفلاتهن بدلًا من الأغاني الصاخبة". وتعتمد المنشدتان فقط على الدفوف ومكبر صوت في حفلاتهما، ويتقاضين أجرًا رمزيًا مقابل مجهودهما.