بنفسج

"بأي حال جئت يا عيد: اكتئاب الأعياد.. الأسباب والحلول

الأحد 10 يوليو

العيد فرحة وأجمل فرحة"، لعلّك قد لحنت هذه العبارة في ذهنك أثناء قراءتها؛ فهي من أجمل الأغاني التي تُتداول في مناسبة العيد، لكن هل تعلم أن العيد ليس فرحة للجميع؟ في الأعياد هناك عدد لا بأس به من الناس يتذمرون لقدوم العيد، وتجد الكثير منهم يُردّد عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبارة "بأيّ حالٍ جئتنا يا عيد"، وغيره من العبارات المشابهة التي يعبّرون بها عن فقدانهم لروح العيد وبهجته.

المشكلة تكمن بأنّ هناك بعض الأشخاص يعانون ممّا يسمّى اكتئاب الأعياد أو اكتئاب الإجازات، ويتمثّل في شعور الفرد بالحزن والقلق والتوتر، مع حالة من انعدام الرغبة والكسل والملل، بل وقد تظهر عليهم بعض الأعراض الجسدية من صداع وأرق وصعوبة النوم ومشاكل في الجهاز الهضمي، لهؤلاء الناس يكون العيد بمثابة منبّهًا لآلامهم وأحزانهم، ولهذا يكون احتفالهم بقدوم العيد أمرًا بالغ الصعوبة.

| أسباب اكتئاب العيد وسبل علاجه

 
من الأسباب التي تسبب اكتئاب العيد هي الغربة سواءً غادرت وطنك لظروف الحرب، أو سافرت للعمل سعيًا للرزق، أو كان السفر للدراسة وغيره من الأسباب. هذا كلّه يجعل الفرد يشعر بوحدته، ويبعث الحنين في قلبه إلى وطنه والأجواء الأسرية الجميلة من تجمعات وزيارات وسهرات في ليالي العيد.
 
الغربة والبعد عن الوطن ومفارقة الأهل والأحباب ليست بالأمر الهيّن، لكن رغم ذلك عليك أن تتعايشي وتتأقلمي، وتحاولين البحث عن أي شيء يخرجك من وحدتك، لا تدعي نفسك أسيرة لجدران غرفتك، كما يفعل الكثيرون، ويقضون العيد في المنزل لوحدهم.

️السبب الأول: الغربة: سواءً غادرت وطنك لظروف الحرب، أو سافرت للعمل سعيًا للرزق، أو كان السفر للدراسة وغيره من الأسباب. هذا كلّه يجعل الفرد يشعر بوحدته، ويبعث الحنين في قلبه إلى وطنه ودفء عائلته، والأجواء الأسرية الجميلة من تجمعات وزيارات وسهرات في ليالي العيد.

 الغربة والبعد عن الوطن ومفارقة الأهل والأحباب ليست بالأمر الهيّن، لكن رغم ذلك عليك أن تتعايشي وتتأقلمي، وتحاولين البحث عن أي شيء يخرجك من وحدتك، لا تدعي نفسك أسيرة لجدران غرفتك، كما يفعل الكثيرون، ويقضون العيد في المنزل لوحدهم، وإليك بعض الاقتراحات التي قد تساعدك:

| شاركي في أنشطة تطوعية: انضمي إلى نشاطات الأعياد التطوعية والخيرية في البلد الذي تقيمين فيه، وشاركيهم هذه النشاطات، كالاحتفالات في دور رعاية الأيتام أو كبار السن.

| اذهبي لرحلات الاستكشاف: اشتركي في مجموعات الرحلات السياحية، وهي كثيرة، حيث يذهب عدد من الناس في رحلات استكشافية لأهم معالم البلاد من، متاحف أو معارض أو أماكن تاريخية أو منتزهات طبيعية، وهذه فرصة لقضاء وقت ممتع باستكشاف ما هو جديد، كما أنه فرصة جيدة للتعرف على أصدقاء جدد.

| كوني صداقات: أقيمي شبكة من العلاقات والصداقات، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه، سنين غربتك قد تطول أو تقصر، لكن من المهم أن ترعين الجانب النفسي لديك في هذه السنوات، وتبحثين دائمًا عن حلول وبدائل.

لا شيء يغني عن العائلة، ولا شيء يشبه الوطن، نعم، لكن هذه الحلول اعتبرها بمثابة مسكّن لنوبة الحنين التي قد تجتاح روحك في مناسبات الأعياد وغيره من الأوقات. رغم أنّه لا شيء يضاهي روعة اللقاء ودفئه، لكن في هذه الحالة الاتصال بالأهل عبر وسائل التواصل، من مكالمات فيديو وغيره، سوف تخفف حدة الشوق لديك وألم البعد والغربة والوحدة.

|  ️السبب الثاني: ارتباط العيد بالعبء المادي

العبء.jpg
في العيد البعض تفوق مصاريفه قدرته لذلك من المهم عدم المبالغة بالإنفاق واستغلال العروض بالأعياد

ملابس جديدة، حلويات فاخرة، هدايا العيد، العزومات، الزيارات، السفر، أو التنزّه في المطاعم والكافيهات. وغيرها من الأمور المرتبطة بقدوم العيد، والتي قد تكون عادية للبعض، ولكن للبعض الآخرين تكون مصاريف تفوق قدرتهم، خاصة لو كان الإنفاق على مستلزمات العيد بشكل مبالغ فيه، وهذا ما يُسبّب الشعور بالقلق والتوتر، وهذا ما يجعل البعض يكرهون مناسبة العيد، لأنها بالنسبة لهم فترة ضغط مادي ونفسي وحسب. والحل لهذه المشكلة:

| ارض بما قسمه الله: أن يقنع الإنسان بما رزقه الله، ويسعى للاستمتاع بالمتاح والمقدور عليه.

| استغلي الخصومات بالأعياد: شراء الضروري، وعدم المبالغة في الإنفاق واستغلال العروض والخصومات التي توفرها بعض المتاجر بمناسبة الأعياد، وكما أن استبدال الحلويات الجاهزة بالحلويات المصنوعة منزليًّا سوف يوفّر عليك الكثير.

| قومي بالإدخار: من الجيد ومن المهم أن يستقطعي جزءًا من مرتبك الشهري على مدار العام، وتحتفظ به لإنفاقه في مناسبة الأعياد.

| السبب الثالث: سلوكيات سلبية في التجمعات العائلية

التجمعات.jpg
التجمعات العائلية حول أطباق الحلوى في العيد من أجمل ما يكون ولكن هناك من يكرهها بسبب فضول الأقارب وأسئلتهم

على نقيض من يكره العيد لبعده عن أسرته وأقربائه، هناك من يكره العيد لاضطراره لحضور مثل هذه التجمعات، صلة الرحم واجب شرعي لا شك في ذلك، لكن لهؤلاء تكون هذه التجمّعات العائلية أشبه بالكابوس لما يجدوه من اقتحام لحياتهم، وتدخّلٍ في شؤونهم واختراق لخصوصيتهم بالأسئلة التي تكون محرجة بالنسبة لهم:

" متى تتزوج؟ لماذا انفصلت؟ متى ستنجبين أخًا لطفلك؟ لماذا لم تنجبي بعد؟ ابنك مدلّل للغاية! نحن في العيد ماذا يعني لو بالغ ابنك بأكل السكريات! دعي الأطفال يسهرون! التربية ليست بهذا الشكل! هل مازال ابنك يستخدم الحفاض إلى الآن! متى تفطمين ابنك أصبح كبير على الرضاعة! كم مرتبك؟ إلى متى تستمر في هذه الوظيفة الفاشلة؟ تخصصك الجامعي لا فائدة منه غيره !...."

عليك أن توسّعي صدرك لتقبّلها ريثما تنتهي الزيارة كي لا تدخلي بجدالٍ مع أحد، فبالتأكيد لا نريد نشوب خلافات عائليّة في العيد.  والبعض يتحلّى بموهبة الردود الذكية، أو تحويل السؤال الاعتراضي إلى فكاهة، وأخذ الأمور بروح مرحة، وهي موهبة بإمكان الإنسان تعلّمها.

إنه ذلك السيل من الأسئلة الاعتراضية اللامتناهية، والتي لا فائدة من طرحها سوى إزعاج المسؤول، ولا فائدة من إجابتها سوى إرضاء فضول السائل! يختلف تقبّل هذا النوع من الأسئلة من شخص إلى آخر البعض يتقبّلها ويراها عادية، ولكن تكون لآخرين مزعجة، وبمثابة خرق لخصوصيتهم وتدخل بشؤونهم.  الحل لهذه المشكلة:

| وضحي بلطف أنه ليس من شأنهم: ليس بهذه السهولة تغيير سلوك أحد، فهذه الأنماط من السلوكيات متوارثة عبر الأجيال إلى أن أصبح الأهل والأقارب يعتبرونها أمرًا عاديًا وحقًّا من حقوقهم، ربما يكمن الحل في الشخص ذاته بأن يوضح بلطفٍ لمن حوله حدودهم، والمساحة المتاحة لكل منهم، ولا يسمح لأحدٍ أن يتجاوزها.

| ردي بشكل فكاهي: أن توسّعي صدرك لتقبّلها ريثما تنتهي الزيارة كي لا تدخلي بجدالٍ مع أحد، فبالتأكيد لا نريد نشوب خلافات عائليّة في العيد.  والبعض يتحلّى بموهبة الردود الذكية، أو تحويل السؤال الاعتراضي إلى فكاهة، وأخذ الأمور بروح مرحة، وهي موهبة بإمكان الإنسان تعلّمها.

| ️السبب الرابع: المظاهر الخدّاعة والمقارنة الدائمة

سوشال.jpg
مواقع التواصل الاجتماعي خداعة ينقل لك "البلوجر" حياتهم الوردية فقط فتضع نفسك في مقارنة معهم وهذا خطأ كبير

في عصرنا الحالي أصبح العالم تجتمع ملامحه وأخباره في جهاز صغير بين أيدينا، هذا الجهاز لم يعد ينقل لنا رفاهية حياة المشاهير وحسب، بل أصبح هناك ما يُسمى – زعمًا- "الإنفلونسر" أو "البلوجر"، كما يطلق عليهم، وهم أشخاص عاديون، لا تأثير لهم سوى بنقل صور حياتهم، ولا ينقلون إليك إلا الصورة الوردية للحياة وحسب، فهذه ستقضي إجازة العيد في جُزر المالديف، والأخرى في تركيا، والأخيرة تصور لك الأجواء الجميلة في باريس، وأنت وسط كل هذا تتطلعين للحصول على سعادة كتلك، وإجازة عيد بهذا الشكل، وهذا المستوى.

هل "الإنفلونسر" مخطؤون؟ بالتأكيد لا، فكل شخص حرّ بحياته، وبكيفية وضع حدوده الخاصة حول مشاركة نمط حياته بأي شكلٍ وإلى أي حد. المخطئ في هذا الأمر هو أنت حيث وضعت نفسك في مقارنة معهم، مقارنة جعلتك تنقمين على واقعك المُعاش، وكأن السعادة محصورة في السفر إلى باريس أو المالديف، في حين أنّه قد تكون هذه الإنفلونسر سعيدة بالفعل، وهذا رزقها في الحياة، لكن بالمقابل قد تكون تملك ما تملك لكنّها لا تملك السعادة، ناهيك عن أن أغلب هذه الصور والسفريات ما هي إلا إعلانات مدفوعة من الشركات والمنتجعات السياحية، ويتمّ استخدام الإنفلونسر وسيلة للترويج عن هذه المشاريع. الحلول والمقترحات:


اقرأ أيضًا: صانع البهجة: العيد أم نحن؟


| استمتعي بما لديك: أن ترضي  بما قسمه الله لك من حظ ونصيب ورزق في هذه الدنيا، وتستمتعي بالمتاح بين يديك، مع السعي لتغيير وضعك للأفضل بالوسائل المشروعة، فلا مشكلة في ذلك.

| تذكري أن "السوشال ميديا" خداع: عليكي أن تتذكري دائمًا أن السوشيال ميديا والانستجرام خاصةً، عالم خدّاع، وغالبًا نمط الحياة الذي ينقله لنا ليس كما يبدو عليه، فهل من المنطقي أن يكون كل شيء مثالي وكامل ومبهج وملون؟ الحياة الواقعية ليست بهذا الشكل الحالم.

| قارني نفسك مع الأقل منك: واحدة من أكثر الأمور التي تبعث الراحة والرضا والسكينة في النفس هو أنك في أمور الدنيا، قارني نفسك مع من هو أقل منك حالًا، فهذا سيشعرك بالرضا ويدفعك إلى تقدير قيمة ما تملكين بين يديك، وفي أمور الدين قارني نفسك بمن هو أفضل منك حالًا، فهذا سيقوي همّتك على مزيدٍ من الطاعات والقربات.

| السبب الخامس: إدمان العمل
لعمل.jpg
أعط لنفسك فرصة بعيدًا عن العمل لتجددي نشاطك واستغلي الأعياد لبث الطاقة في روحك

هناك من يجد صعوبة بأخذ قسط من الراحة، لا يستطيع أن يجلس هكذا مرتاح البال بعيدًا عن التفكير وعن العمل، يجد نفسه فقط في بين أوراق عمله أو على مكتبه أو في حرفته، ولا قيمة للوقت من دون الإنجاز والدوام وكسب المال، لذلك أي إجازة لهؤلاء تكون مُمِلة، فلا يستطيعون تقبّل فكرة أن تمرّ الساعات هكذا من دون فائدة، إذ ترتبط عندهم الفائدة والقيمة بالعمل والإنجاز وحسب، وأي شيء غير ذلك يجعلهم يشعرون بتدني قيمتهم الذاتيّة ويشعرهم بالذنب على تفويت أوقاتهم باللاشيء. الحل لهذه المشكلة:

| اعتبر العطلة قوة داعمة: في هذه الحالة لا بد من تعديل أنماط التفكير لدى الفرد، والنظر للموضوع من زاوية مختلفة، إن كنت تحبين عملك حقًا فالإجازات وعطلة الأعياد ما هي إلا بمثابة قوة داعمة وشاحنة لك لتعودي للعمل بطاقة أكبر تعينك على إنجاز المزيد.

|  امنحي نفسك راحة: إغراق نفسك بالعمل بشكل مبالغ فيه سيرهق نفسك، وقد يجعلها تقعد عن العمل اضطراريًا بشكل دائم أو لمدة أطول من فترة إجازة الأعياد، لذلك أعط نفسك حقّها من الراحة لتقوم هي بدورها بالمهمات والواجبات على الوجه المطلوب.

وفي الختام، اكتئاب الأعياد والاكتئاب بشكل عام هو مرض العصر، وما عرضته من نصائح وحلول مُقترحة قد تكون نافعة للبعض فور تطبيقها، لكن قد لا تغني الآخرين عن الاستشارة النفسية، والتي باتت ضرورة من ضرورات الحياة وليست رفاهية، ولا بد لكل إنسان أن يلجأ لها بين الحين والآخر.