بنفسج

"نار جوزي ولا جنة أهلي": تحت مطرقة العنف الأسري

الخميس 22 سبتمبر

العنف الأسري
العنف الأسري

"نار جوزي ولا جنة أهلي" لماذا قد ترضى بعض النساء بالعنف، وتبرّر له؟ كانت الكدمات وآثار الضرب تملأ وجهها وذراعيها بطريقة تبدو أعنف قليلاً عن المرة الأخيرة، حينما التقيت بها. اكتفيت بسؤالها ما إن كانت بخير، ثم غيرت بوصلة الموضوع ولم أكلف نفسي عناء الخوض في التفاصيل حتّى أرفّه عنها أولًا، ولأنّ الإجابة مألوفة بالنسبة لي ككلّ مرة. "أين سأذهب مع أطفالي؟"، "كيف سينظر إليّ الآخرون؟"، "من سيتقبل امرأة مطلقة في منزله"، "ضغط العمل والأوضاع المادية هو الذي دفعه لذلك" وغيرها من الدوافع، وربما التبريرات، كثير من النساء تتعرض لـ "العنف الأسري" ولا يتخذن موقفًا حاسمًا خوفًا من القادم.

ولا أنكر أني حاولت لعشرات المرات أن أدفع هذه السيدة لرفع شكوى عند مركز الأمن، وإقناعها بأنّه الحل الأمثل؛ لأنّ زوجها قد وصل إلى مرحلة متقدمة من تطبيع هذا الفعل، واعتباره وضعًا عاديًّا لا تعزير فيه ولا عقاب، انتقل عبره من محطة الإنكار إلى محطة التقبل والاعتياد؛ وبالتالي فإنّ مسألة تغييره ستتطلب وقتًا طويلًا، ولعلّها شبه مستحيلة. وأنّ وضعها الماديّ مناسبٌ جدًّا بحكم عملها، وأن تلقي بكلّ اعتبار لما قد يظنه الآخرون جانبًا لأنه من دون معنى. 

 دوافع التبرير للعنف الأسري بلغة الأرقام 

العنف الأسري

أجرت بنفسج استطلاع رأي مع أكثر من 200 امرأة من: مصر، تونس، الأردن، فلسطين، وسوريا، تتراوح أعمارهنّ من 20 إلى 45 سنة، عن أبرز الأسباب التي تجعل المرأة تفضّل الاستمرار في علاقة مسيئة ومعنّفة.

 وتمحورت معظم الآراء حول دوافع أساسية ستة أبرزها نظرة الأهل والمجتمع، ثمّ العوامل النفسية المتعلقة بالمرأة كالشعور بالدونية وانعدام التقدير الذاتي والتعلق المرضي، وصولًا إلى الوضع الماديّ الذي يحول دون استقلال المرأة وتمكينها الاقتصاديّ، إضافة إلى عامل وجود الأطفال، وطريقة التربية التي تنشأ عليها المرأة منذ الصغر. 

إيمان (36 سنة) - اسم مستعار- ليست الوحيدة  التي تتعرض ل "العنف الأسري" وتتقبل الأمر رغم قدرتها على الانفصال. مئات النساء مثلها يعانين يوميًا في صمت مطبق، ويرضين بأوضاعهنّ إمّا مكرهاتِ، أو ركونًا لمقولة: "نار جوزي ولا جنة أهلي". وتبعًا لإحصاءات هيئة السكان والصحة الأسرية في الأردن لسنتي 2017-2018، فإنّ نسبة تبرير الزوجات لضرب أزواجهنّ بلغت 59.1 بالمئة من الفئة العمرية (15-19 سنة)، وهذا المجال من السّن المبكرة يصيغ بدوره عوامل أخرى متداخلة كنقص الوعي، والحد الأدنى من المستوى التعليمي، والوضع الاجتماعيّ المتردّي وغير ذلك، كلها عزّزت من التبرير وتفضيل البقاء مع الزوج على الانفصال عنه. [1]

في دراسة قام بها الباحثان جينسيوك كيم – Jinseok Kim  وكارين غراي – Karen Gray سنة 2008 على 577 امرأة معنفة، بعنوان: "رحيل أم بقاء؟ قرار المرأة المعنفة من قبل الشريك الحميم"[2]  خلصت النتائج إلى أنّ قرار المرأة بالبقاء مع الشريك أو الانفصال عنه، يعتمد على أربع عوامل أساسية هي: الاستقلال المالي، عنف الوالدين، العوامل النفسية، ورد فعل الشرطة بعد رفع دعوى العنف المنزلي. 

على ضوء ذلك، ومن أجل التوسّع أكثر في التداعيات المرافقة لهذه العوامل، وأخذ خصوصية المجتمع العربيّ بعين الاعتبار، من خلال الاستناد إلى نظرة المرأة العربية وتجاربها، أجرت بنفسج استطلاع رأي مع أكثر من 200 امرأة من: مصر، تونس، الأردن، فلسطين، وسوريا، تتراوح أعمارهنّ من 20 إلى 45 سنة، عن أبرز الأسباب التي تجعل المرأة تفضّل الاستمرار في علاقة مسيئة ومعنّفة.


اقرأ أيضًا: العنف الزوجي ضد المرأة: لماذا نتقبل الإساءة؟


 وتمحورت معظم الآراء حول دوافع أساسية ستة أبرزها نظرة الأهل والمجتمع، ثمّ العوامل النفسية المتعلقة بالمرأة كالشعور بالدونية وانعدام التقدير الذاتي والتعلق المرضي، وصولًا إلى الوضع الماديّ الذي يحول دون استقلال المرأة وتمكينها الاقتصاديّ، إضافة إلى عامل وجود الأطفال، وطريقة التربية التي تنشأ عليها المرأة منذ الصغر، والخوف من مواجهة أشياء كثيرة كألم الانفصال، وتحمل المسؤولية، والمستقبل المجهول.   

والجدير بالذكر هنا أنّ هذه العوامل ذاتها متداخلة وتخضع لعلاقة تأثر وتأثير بعضها ببعض؛ فوجود الأطفال مرهون كذلك بالوضع الماديّ المتدني الذي يحول دون تعليمهم وتنشئتهم، كما أنّ ضعف شخصية المرأة ممّا يندرج ضمن عوامل نفسية أخرى، قد يكون مودّها في الكثير من الأحيان إلى الكيفية التي نشأت فيها بين أفراد عائلتها، والأفكار التي تربّت عليها. 

 حلقة العنف المفتوحة: بين شهر العسل والتصرفات العنيفة 

العنف الأسري
حلقة العنف الذي يستخدمها الرجل تتفرع لثلاث مراحل بناء التوقر ثم العنف الحاد ثم التصالح

من بين العوامل الأساسية التي تدفع المرأة إلى تحمّل العنف الأسري والتبرير له هو ضعف شخصيتها وشعورها الدّائم بالدونية وعدم الاستحقاق؛ ممّا يكسب المُعنّف – حسب نظرها- شيئًا من الأحقّية في تصرّفه معها.  "انخفاض استحقاقها وشعورها بالدونية اتجاه ذاتها. "ما بتتخيلي عدد المرات اللي سمعت فيها بنات بعدما تنضرب تحكي هو صح ضربني، بس أنا سبيت عليه بالأول أو أنا استفزيته أو هو بس يعصب ما يشوف قدامه، هي من داخل حاسة أنه ضربها مبرر... وهاذ أحد الأسباب" تقول الناشطة رهام نعيم مسعود من قطر لبنفسج. 

 كما أنّ الابتزاز العاطفيّ الذي يمارسه الرّجل من خلال التقلب بين الطيبة والعنف وإمدادها بشعور الأمان حينًا، وشعور الخوف حينًا آخر، يخلق ما سمّته الباحثة والأخصائية النفسية لينور والكر – Lenore Walker [3] بحلقة العنف التي تتفرّع إلى ثلاث مراحل أساسية.

 | المرحلة الأولى:  بناء التوتر وتتّسم بتصاعد في الممارسات العنيفة والإهانات والإساءات اللفظية اتجاه المرأة، لكنّ الضحية غالبًا ما تحاول إلقاء اللوم على نفسها، وإيجاد تفسّير مبرر مقنع  في محاولة لاستيعاب أثر تعرّضها للأذى من قبل شخص يفترض أنّه شريك حميم. 

| المرحلة الثانية: وهي المعروفة بالعنف الحادّ، وهي أقصر المراحل وأعنفها، تميل المرأة خلالها إلى عزل نفسها، ورفض التصريح عمّا تعرضت له إلّا بعد مرور وقت معيّن. يعزّز هذا، الانعزال عن الأهل والقانون والمجتمع من قوة المعتدي وثقته بنفسه، وغالبًا ما يستعمله الرّجل كسلاح ويتقصّده من أجل إضعاف المرأة نفسيًّا وخلق حاجزًا بينها وبين الوسط الخارجيّ، كما يرى البروفيسور المتخصص في العلاقات والعلاج العائلي بجامعة تكساس جايسون وايتين – Jason Whiting الأمر الذي يجعلها رهينة بوتقة من المشاعر السلبية، الضغوطات والإحساس بالضعف. [4]

العنف الأسري
عدم ثقة المرأة بنفسها هي ربما تدفعها نحو رفض العنف الأسري والسير وحدها بعيدًا عن شريكها

| المرحلة الثالثة: تُسمى بالمصالحة أو شهر العسل وهنا يكمن مربط الفرس؛ إذ يمثّل اعتذار الرجل المعنف بالنسبة للمرأة تنازلًا واعترافًا بقيمتها؛ فتحاول إقناع نفسها باستحالة تكرّر تلك الممارسات السيئة، لكنّ تقبلها لكلماته وهداياه لن يفعل شيئًا سوى إضفاء الشرعية لتصرفاته وتقويتها، ثمّ العودة إلى حلقة العنف المفرغة من جديد. 

تحيل الأخصائية الاجتماعية الفلسطينية في مركز سلامة بأم الفحم "مريم محاميد"، هذه الظاهرة، إلى التعلق العاطفي بالشريك، وتقول لبنفسج: "عدم ثقة المرأة بنفسها التي اكتسبتها من خلال دينامكية العلاقة العنيفة، فصعب عليها أن تنفصل وتبدأ حياة من جديد: ( فمثلا بصير عندها كثير أفكار مشوهه وبتفكرها حقيقة مثل صعب أدير حياتي لوحدي، صعب أعيش بدون رجل، صعب أقوم بمسؤولية الأولاد لوحدي، بعرفش أتعامل مع العالم الخارجي لوحدي)".

كما تفسّر ذلك بالشعور بالخجل وتأنيب الضمير، حيث تلوم المرأة نفسها، وتعتقد أنّ تغييرها لتصرفاتها سيغيّر بدوره من الوضع، وتضيف: "الأمل إنه الوضع يتغير من أكثر الأسباب الي بتخلي المرأة تبقى بعلاقة عنيفة، وخاصة إنه كل علاقة عنيفة بين زوجين فيها مراحل عنف، وفيها كمان الهدوء وشهر العسل، ومرحلة شهر العسل بتزيد الأمل عند المرأة بالتغيير". 

 العنف الأسري: على ملة "جوزي رحمة ولو كان فحمة" 

العنف الأسري
 
أنّ عدم دعم الأهل لقرار المرأة المعنفة بالانفصال واعتبارها شخصًا ناشزًا، سيّئا والنظر إلى الطلاق بوصفه عارًا على العائلة هو أحد العوامل التي تجعل المرأة تتنازل عن حقوقها في الرفض والثورة على وضع لا يطاق، "عندما أخبرت أمي عن عنف زوجي معي، أصرّت على إقناعي بأني من تسببت في ذلك" [5]. ويضاف إلى ذلك مسألة نشوء كلا الزوجين في بيئة معنّفة يعتاد فيها الرجل على رؤية نساء العائلة يُضربن، وتعتاد فيها المرأة على الإهانة والعنف. 


الكثير من الأعراف والعقليات الاجتماعية البالية في مجتمعاتنا العربية هي السبب في تقبل وضع العنف غير المقبول والرضى به؛ فالموروث الكلاميّ والثقافي لوحده يشكّل بحدّ ذاته عاهاتٍ لا بدّ وأن تعالج، والناظر إلى بعض الأمثال الشعبية التي تحطّ من قيمة المرأة، وتمنح للرجل الحق المطلق في كلّ فعل يستخلص أثر البيئة والأهل وقوانين المجتمع، في تهيئة نوع من القبول في نفوس النساء اتجاه العنف الأسري. 

والأمثلة على ذلك كثيرة، كـ: "ضرب الحبيب زي أكل الزبيب" الذي جعل فعلًا مستنكرًا كالضرب مقرونًا بلذّة واستمتاع، و"من كثر خطابها بارت"، في إشارة إلى قطار الزواج الذي سيغادر كل من لم تسارع بركوبه ولو على حساب الخيار الصحيح، و"ظل راجل ولا ظل حيطة" الذي يجعل الرجل أساسًا في الوجود ويقصي كلّ الخيارات غيره، فإمّا الرجال وإمّا الجدار، و"جوزي رحمة ولو كان فحمة"، وغيرها من الأمثال التي تتخذ كمرجع في أيّ نصيحة يقدمها المجتمع للمرأة. 

تقول سلمى: "الخوف من المجهول ومن المستقبل وخصوصًا في وجود أطفال، وعدم وجود مورد رزق وعدم مساندة الأهل للقرار (شد مشومك لا يجيك ما أشوم)". وانعدام شجاعة المواجهة "لا تستطيع الاعتراف أن اختيارها كان خاطئا منذ البداية، فتحاول جاهدة أن تغير تصرفات زوجها لتثبت لنفسها وللناس أن اختيارها صائب".

كما أنّ عدم دعم الأهل لقرار المرأة المعنفة بالانفصال واعتبارها شخصًا ناشزًا، سيّئا والنظر إلى الطلاق بوصفه عارًا على العائلة هو أحد العوامل التي تجعل المرأة تتنازل عن حقوقها في الرفض والثورة على وضع لا يطاق، "عندما أخبرت أمي عن عنف زوجي معي، أصرّت على إقناعي بأني من تسببت في ذلك" [5]. ويضاف إلى ذلك مسألة نشوء كلا الزوجين في بيئة معنّفة يعتاد فيها الرجل على رؤية نساء العائلة يُضربن، وتعتاد فيها المرأة على الإهانة والعنف. 

العنف الأسري
السؤال المتدوال لماذا تبقى المرأة المعنفة في علاقة مسيئة لها وتبين أن للأهل دور في ذلك وللثقافة أيضًا

تقول سلمى – اسم مستعار- لبنفسج: "تزوجت في سن الـ 18 عشر من رجل، كلما طلبت منه ألا يرفع يده علي برّر ذلك بأنّ أمه كانت تعاني من ضرب أبيه وبأنّها ليست أحسن من أمّه". بعد عام ونصف العام، أصرّت سلمى على الانفصال عن زوجها بالرغم من تهديداته لها، ورفض عائلتها لهذا القرار"قالت لي أمي بأنّ لا أحد سينظر لوجهي من الآن فصاعدًا، فأجبتها بأني لن أحتاج إلى نظراتهم من الأساس". بعد مدّة، فتحت محلّا للحلاقة بثمن قطع الذهب التي كانت تملكها "استقلالي الماديّ كان نقطة قوية وإيجابية بالنسبة لي، فقد ارتكزت معظم مخاوفي قبل الانفصال حول كيفية سدّ النقص الماديّ خاصةً وأنّي لا أمتلك شهادة تعليمية". 

في ورقة بحثية بعنوان: 'لماذا تبقى المرأة الأردنية في علاقة مسيئة: الآثار المترتبة على الصحة والرفاهية الاجتماعية" [5]. يُشار إلى مسألة عدم دعم الأهل للبنت بأنّها متناقضة ومخالفة لطابع البيئات العربية الإسلامية، التي تلعب فيها العائلة دورًا ممتدًّا وفعّالًا؛ إذ لا يتم التعامل مع البنات بما يوافق سلامتهنّ، ويطلب منهنّ بالمقابل التأقلم مع الوضع والتكيّف مع تداعياته، وتقديم مصلحة الأسرة والعائلة على مصالحهنّ الشخصية، خوفًا من السمعة السيئة و"كلام الناس". 


اقرأ أيضًا: دوائر العنف الأسري: من يكسر الحلقة؟


تعتقد شيماء صميدة من تونس بأنّ الأهل والضغط المجتمعي سببٌ كافٍ لقبول النساء بالعنف، "يقولون: اصبري وكوني بنت أصول وربنا يهديه مهما طالت السنوات". وتضيف إلى ذلك كلا من الخوف: "الخوف من المجهول ومن المستقبل وخصوصًا في وجود أطفال، وعدم وجود مورد رزق وعدم مساندة الأهل للقرار (شد مشومك لا يجيك ما أشوم)". وانعدام شجاعة المواجهة "لا تستطيع الاعتراف أن اختيارها كان خاطئا منذ البداية، فتحاول جاهدة أن تغير تصرفات زوجها لتثبت لنفسها وللناس أن اختيارها صائب". والتلاعب العاطفي: "الابتزاز والتلاعب العاطفي، فلا تستطيع المرأة أن تفهم، وهي داخل الزوبعة، أنه يتلاعب بها، وأن ما يحدث ليس خطؤها، بل مسؤولية الطرف المُبتز". 

العنف الأسري: "اصبري عشان أولادك"

العنف الأسري
 
ترفض بعض النساء فكرة أن يعيش الأطفال في عائلة مقسّمة بالنظر إلى حاجتهم المادية والمعنوية لأبيهم، وأنّ الانفصال قد يؤثر سلبًا على نفسياتهم  ومستقبلهم. والفكرة في مجملها تحوز على شيء من الصحة، لكنّها تفصيلًا خاطئة ومضلّلة؛ لأنّ العنف الذي تتعرّض له أمامهم سيشكّل عندهم حواجز نفسية من الصعب تجاوزها، وسيرافقهم طيلة حياتهم، بل ربما سيؤثر على علاقاتهم الشخصية، وتصرفاتهم، ومواقعهم من المجتمع. 
 

لا تريد المرأة أن تعاني من الألم مرتين، فتخسر زوجها ثمّ تخسر أولادها؛ لذلك تفضّل عدم المغادرة والصبر من أجلهم؛ لأنّ الساري في المجتمعات العشائرية عمومًا، إن هي قبلت احتضان ابنتهم، هو إرسال الأطفال باعتبار أنّهم أبناء رجل آخر، ولا يمكنهم تربيتهم. "ذهبتُ وأولادي الأربعة إلى منزل عائلتي بعد شجار طويل مع زوجي، لكنّ والداي خيّراني بين البقاء في المنزل وإرسال أطفالي إلى أبيهم، أو العودة إلى منزل زوجي، فعدتُ بقلب منكسر". [5] كما أنّ القانون يمنح حقّ الحضانة للرّجل في حال زواج المرأة من رجل آخر بعد طلاقها؛ ممّا يمثل حجر عثرة في سبيل إعادة بناء حياتها. 

من جهة أخرى، ترفض بعض النساء فكرة أن يعيش الأطفال في عائلة مقسّمة بالنظر إلى حاجتهم المادية والمعنوية لأبيهم، وأنّ الانفصال قد يؤثر سلبًا على نفسياتهم  ومستقبلهم. والفكرة في مجملها تحوز على شيء من الصحة، لكنّها تفصيلًا خاطئة ومضلّلة؛ لأنّ العنف الذي تتعرّض له أمامهم سيشكّل عندهم حواجز نفسية من الصعب تجاوزها، وسيرافقهم طيلة حياتهم، بل ربما سيؤثر على علاقاتهم الشخصية، وتصرفاتهم، ومواقعهم من المجتمع. 

وتظهر ختامًا - في ظلّ كل هذه الدوافع- حاجة المرأة للتعلم والتمكين الاقتصاديّ كضرورة ملحّة تساهم في دعم مواقفها، والعناية بأطفالها. كما تلعب العناية النفسية والتوعية المجتمعية دورًا مهمًّا في الحدّ من ظاهرة قبول العنف الأسري والتبرير له، وتعزيز حضور المرأة ككائن مستقلّ له ما له من الحقوق، وعليه ما عليه من الواجبات. 


| المراجع


[1] زوجات يبررن تعرضهن للعنف وأزواج يبررون ممارسته. 

[2]  Kim, J., & Gray, K. A. (2008). Leave or Stay? Journal of Interpersonal Violence, 23(10), 1465–1482.

[3] Lenore Walker's Cycle of Abuse

[4] Eight Reasons Women Stay in Abusive Relationships

[5] Gharaibeh, M., & Oweis, A. (2009). Why Do Jordanian Women Stay in an Abusive Relationship: Implications for Health and Social Well-Being. Journal of Nursing Scholarship, 41(4), 376–384