يتحدث الأطفال فيسمعهم الآباء فيفهمون احتياجاتهم. بقراءتك للجملة السابقة يبدو الأمر بغاية السهولة، لكنه في الحقيقية ليس دومًا كذلك إلا إذا فهمتِ لغة حب طفلك وحدثته بها، ونعني هنا معرفة لغة التواصل مع الأطفال. لغة الحب التي يستخدمها الأطفال، هي لغة الاهتمام والتعبير عن المشاعر، اللغة التي يفهمها طفلك منذ كان جنينًا في رحمك، وقبل أن يتعلم أبجديات الحروف. فيما يلي سنعرف معًا كيف تقول لطفلك "أحبك" بالطريقة التي يفهمها، لغة التواصل مع الأطفال.
| لغات الحب الخمس لدى الأطفال
في البدء دعونا نسأل أنفسنا كأمهات وآباء سؤالاً واحدًا، كم مرّة شعرت أن طفلك لا تصله محبتك وأنت تفعل لأجله كل ما في وسعك؟ كم مرّة أصبتِ بالإحباط وبكيتِ خلسة وأنتِ ترددين لنفسك لماذا لا يفهم طفلي أنني فعلت كذا لأنني أحبه؟!. أكاد أسمع الإجابة بل وأرددها معكم.
ما هي لغة الحب عند الأطفال؟ وفقًا لتعريف د.جاري تشابمان مؤلف كتاب لغات الحب الخمس التي يستخدمها الأطفال، كل طفل لديه لغة أساسية للحب، وهي الطريقة التي يفهم بها حب والديه على الوجه الأفضل، وذاتها التي يعبر بها عن محبته للأخرين. وهناك خمس طرق/ لغات يتحدث بها الأطفال للتعبير عن الحب ويفهمون بها ماذا يعني كونك تحبهم. لنعرفهم معًا.
| أولاً: لغة التلامس الجسدي
بمجرد أن يولد الأطفال يحصلون على لمسات حانية وعناق طويل وقرب لا ينقطع في أحضان الأم والأب، ولكن عندما يكبر الأطفال قليلاً ويذهبون إلى الحضانة والمدرسة، تقل هذه اللمسات بشكل تلقائي، بعض الأطفال ممن لا يتحدثون لغة التلامس الجسدي كلغة حب، يتقبلون الأمر بهدوء، بل ويفضلونه، والبعض الآخر يظل بحاجة ملحة لعناق الصباح والمساء، والتربيت على الأكتاف ومسد الرأس وقبلات الجبهة وكف اليدين وهي لغات تواصل يفهمونها ويحبونها.
هل بدأت تتذكرين كيف يلتصق بكِ طفلك واضعًا يديه على وجهك يعانقك كلما حانت له الفرصة؟ هذا طفل لغته في فهم الحب وتقبله هي التلامس الجسدي. لذلك إذا اصطحبته في نزهة لمدينة الألعاب وأحضرت له لعبته المفضلة كهدية وأخبرته كما هو رائع، دون عناق أو لمسات حانية، سيظل طفلك يشعر بأن هناك شيء ما ناقص ولن يصله حبك كاملاً. تخيلي؟
| كيف تحدث طفلك بلغة التلامس الجسدي؟
| العناق، القبل، اللمسات الحانية: يحتاج الأطفال الذين يتحدثون بلغة تواصلية تعتمد على التلامس الجسدي، إلى لمسات حانية مكثفة طوال الوقت، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، وخاصة في مرحلة المدرسة حيث يواجهون العالم لأول مرة ويختبرون مشاعر لا حصر لها، فيكن عناقك هو ملاذهم الوحيد في بداية ونهاية يوم حافل.
| الجلوس بجانبه: اجلسي بجانبه عند مشاهدة برنامجه المفضل. وغني مع طفلك وارقصي معه بحركات عفوية.
اقرأ أيضًا: لماذا تعد الخمس سنوات الأولى من حياة الطفل مهمة؟
| الهدايا التي يمكن لمسها أو احتضانها : أحضري له هدية مثل لعبة ناعمة أو وسادة لاحتضانها وقت النوم.
| الألعاب البدنية والتشاركية: العبي معه ألعابًا تلامسيه مثل لعبة الدغدغة قبل النوم. وامسحي على رأسه وظهره عندما يشعر بالحزن أو التوتر أو الملل.
| ثانيًا: لغة الوقت
يقولون إن أغلى ما تقدمه لشخص تحبه هو وقتك، والطفل الذي يتحدث بلغة الوقت كلغة حب يفهمها ويستقبلها هو طفل يبحث دائمًا عن وقت خاص له مع أبويه، وعندما يحصل عليه يشعر أنه مهم ومسموع ومرئي ومحبوب. الطفل الذي لا يحصل على الوقت الكافي للجلوس والحديث والتنزه مع والديه، يبحث عن الاهتمام والمحبة في صور تشبث بالآخرين سواء كانت صداقات أو مُعلمين أو أقارب، يبحث عن التواصل بطرق يعلمها ويفهمها.
والآن تذكرتِ لماذا بكى طفلك عندما أحضرتِ له لعبة جديدة وتركته يلعب بها منصرفة إلى مهامك؟ ليس لأنه لا يريد اللعبة، ولكن لأنه يريدك أنتِ وأباه أن تجلسا معه وتجربا اللعبة الجديدة وتتحدثان عنها.
| كيف تحدث طفلك بلغة الوقت؟
| تواصلي معه بصريًا: عندما يتحدث طفلك، تواصلي معه بصريًا ليشعر باهتمامك وتوقفي عن أي شيء يشغلك.
| دعيه يساعدك: إذا كنتِ مشغولة جدًا بإتمام مهمات المنزل، اشركي طفلك معكِ وهكذا يشعر بأنه يمضي وقت بقربك.
| خصصي وقتًا يوميًا له: كونا بمفردكما لتعدا وجبة عشاء خفيفة أو تجربة لعبة أو تحكي له قصة أو حتى تتحدثا عما حدث في يومكم.
| العبا معًا: عندما تصطحبين طفلك لنزهة أو مدينة ألعاب، امض وقت في اللعب معه بمفردكما.
| اخرجا معًا في فسحة: من وقت لآخر اخرجي مع طفلك في مكان يختاره ويحبه، تحدثا معًا واستمعي له جيدًا دون تشتيت.
| ثالثاً: لغة الهدايا
بعض الأطفال يشعرون بمحبة والديهم عندما يقدمون لهم الهدايا التي يحبونها فعلاً، أسمع هنا البعض يقولون وهل يوجد طفل لا يحب الهدايا؟ وهو أمر صحيح جميعنا أطفال وكبار نحب الهدايا، ولكن، إذا اقتطع طفلك من مصروفه أو قطعة حلوته ليهديكِ إياها فهو يحدثك هنا بلغة حبه الخاصة. ومع ذلك ينصح خبراء التربية دائمًا بأن تمزج لغة الهدايا مع أي لغة أخرى من لغات الحب التي يفضلها طفلك للتعبير عن محبتك له.
| كيف تحدثين طفلك بلغة الهدايا؟
| أعطي طفلك الهدايا: احتفظي بمجموعة هدايا بسيطة ذات معنى، وأعطي طفلك كل فترة واحدة عندما يكون هناك داعي لها.
| اهديه ما يحب: اهدي طفلك هدايا في مجال اهتماماته، إذا كان يحب الأعمال الفنية؛ فمجموعة من الألوان والدفاتر ستكون أحب هدية بالنسبة له. ويمكن أن تكون الهدية رحلة إلى مكان يحبه أو قضاء وقت معكِ في ممارسة هوايته المفضلة أو الاشتراك في لعبة طالما رغب في تجربتها.
| لا تربطي الهدية بتصرف ما: احترسي من تحويل لغة الحب بالهدايا إلى رشوة لقيام طفلك بالأفعال الإيجابية، ولكن أعطي طفلك هدية بسيطة عندما ترين أنه تصرف بإيجابية حقيقية وليس من أجل أن يحصل على هدية.
| رابعًا: لغة كلمات التوكيد
هل يبحث ابنك عن رسالتك اليومية داخل صندوق طعامه؟ هل ينتظر أن يسمع منكِ كلمات المديح والإطراء المتكررة؟ وهل يخبرك كم أنتِ أم جميلة وحانية وملابسك الجديدة لا مثيل لها؟ هكذا يتحدث طفلك بلغة كلمات التوكيد ليعبر عن حبه. ويحتاج دائمًا أن تخبريه أنه جميل ورائع ومميز، ولكن احترسي من كثرة المبالغة في المديح، وبدلاً منها امدحي الأفعال الجيدة له دائمًا وأكدي قولاً أنكِ تحبينه، أخبريه في الصباح والمساء وبعد الظهيرة "أحبك".
| كيف تتحدثين طفلك بكلمات التوكيد؟
| اكتبي له رسائل حب: ابعثي له برسائل تشجيع وحب داخل صندوق طعامه.
| ادعميه معنويًا: اسأليه ماذا يريد أن يصبح عندما يكبر، واكتبي إجابته على لوحة صغيرة وعلقيها بغرفته. واكتبي له رسالة محبة وفخر في عيد ميلاده.
اقرأ أيضًا: الخجل عند الأطفال: أنواعه وأسبابه وطرق علاجه
| شاركيه بكل شيء: العبا معًا ألعاب كلامية، مثل أن يذكر كل منكما للآخر 3 أفعال جيدة فعلها على مدار اليوم.
| امدحي أفعاله: ليعرف أن التعبير عن الحب بالكلمات مهم، ولكن تنفيذ هذه الكلمات وتحويلها لأفعال مهم أيضًا.
| خامسًا: لغة أعمال الخدمة
هل يعرض طفلك مساعدتك دائمًا في أعمال المنزل؟ أو القيام ببعض المهام البسيطة كحمل حقيبة الخضراوات عنكِ أو الاعتناء بأخيه الصغير حتى تنهي عملك؟ يعبر طفلك هنا عن محبته بهذه الطريقة، ورغم كونها الطريقة التي يفضلها معظم الآباء والأمهات من أطفالهم إلا أنه عليكِ الموازنة في تعليمه حدود تقديم المساعدات حتى لا يتم استغلاله من المحيطين به. الطفل الذي يعبر عن محبته هكذا ينتظر أن يتلقى الحب بنفس الطريقة في المقابل، ولكن دون الإفراط في التدليل الذي يفقده استقلاليته لاحقًا. أي عليكِ الموازنة كما يلي.
| كيف تتحدثين لطفلك بلغة الأعمال الخدمية؟
| ساعديه لحد معين: ساعدي طفلك في القيام بمهامه حتى يتعلمها، ولكن لا تكوني بديلاً مستمرًا له في تأديتها.
| شاركيه جدوله اليومي حتى يتقنه: ساعدي طفلك في تفريش أسنانه واحمليه إلى سريره وحضري له ملابسه النظيفة وذكريه بجدول واجباته حتى يتقن فعل هذه الأمور، ومن ثم انتقلي معه لمستوى أعلى من لغة الحب بالأعمال الخدمية وهكذا حتى يكبر مسؤولاً ومحبوبًا.
| علميه الحب بالفعل: وإذا سألت طفلك لاحقًا كيف تعرف أنني أحبك سيتذكر فورًا كيف أحضرتِ له الحساء الساخن وقت مرضه، وحملته إلى السرير مع قصة ممتعة وقت انتقاله لينام في غرفة بمفرده لأول مرة، وكيف ساعدته لتعلم السباحة حتى أصبح سباحًا.
اقرأ أيضًا: كي لا نخسر أطفالنا: لماذا يجب أن نوحد أساليب التربية؟
والآن ربما تتساءلين هل يمتلك كل طفل لغة حب واحدة؟ عادة يتحدث الأطفال بأكثر من لغة للحب من اللغات السابقة ولكن تظل هناك لغة واحدة هي السائدة والأكثر تفضيلاً للأطفال عندما يمرّون بالمواقف الصعبة ويحتاجون للدعم والمحبة من ذويهم.
وكيف يمكنني معرفة لغة الحب الخاصة بطفلي؟ بالملاحظة والتجربة والحديث مع طفلك إذا كان في سن يستطيع التعبير عن مشاعره. وبمطابقة السمات السابق ذكرها مع تصرفات طفلك معكِ ومع المحيطين به. وهل من الضروري أن ألاحظ لغة الحب التي يتحدث بها طفلي وأبادله بها؟ وماذا لو كنت أتحدث بلغة حب أخرى؟
نحن الكبار أيضًا نتحدث بنفس لغات الحب السابقة مع اختلاف طرق التعبير عنها-، والإجابة لكل الأسئلة التي تدور بذهنك في نهاية هذا المقال هو "جربي" جربي أن تحدثي طفلك بلغته ولاحظي كيف سينعكس ذلك على سلوكه وعلاقتكما معًا. لنتذكر، جميعنا نحب أطفالنا من أعمق نقطة بقلوبنا ولكن إذا لم يتلقى أطفالنا هذا الحب بلغتهم، لن يشعروا أبدًا أنهم محبوبين.
