تضيع الحياةُ عبثًا في الانتظار، انتظار غائب، انتظار اعتذار، انتظار إجابة عن سؤال، انتظار اللحظة السانحة لفعل كل الأشياء، والتي لا تأتي أبدًا، أو تأتي بعد نفاد رصيدنا من الانتظار!  يعود الغائب بعد أن نفقد الأمل في رجوعه، ويأتِ الاعتذار متأخرًا بعد أن نملّ انتظاره، يأتِ الجواب عندما نتوقف عن طلبه، وتظن أن اللحظة السانحة بالنسبة إليك أتت، فـتجد أنها أقلعت عنك، يذكرك من أرّقَك نسيانهم لك، في الوقت الذي قررت فيه أن تنساهم.. وتضيع حياتنا عبثًا في الانتظار..! 

إنه لَأمر شاق أن تنتظر شيئًا لا يأتي، أن تنتظر أحدًا بلا موعدِ، أن تنتظر بلا أملِ، وتظل على العهد باقيًا، تنتظر وتواصل الانتظار..!  ثم تأتي الأشياء عندما تتوقف عن انتظارها، تأتي كلها بعد أن تزهد فيها، لأن فرحتك بقدومها، لا تكافئ المرارة في انتظارها.

إنه لَأمر شاق على الغير أن تكتم قولًا وقت كان يجب أن يُقال، أن تغيب وقت تعين عليك الحضور، أن تترد خُطاك حينما تطلب الأمر حسمًا عاجلًا، ويظل ينتظرك لِأن تفعل، وتطيل عليه الانتظار أيضًا، ولا أمر شاق على المرء أكثر من الانتظار..! 

إن الشيء الوحيد الذي لن ينتظرك هو الحياة، فـتنتظر بينما الحياة لا تنتظر، وتمضي الحياة ولا زلت تنتظر.. وتستفيق ولا يسعك تعويض ما فاتك، لأنك آثرت الانتظار.. ولم تكن شجاعًا كفاية للكفِّ عنه..!