بنفسج

قصتي.. هنادي حلواني

السبت 11 مارس

وهبت حياتي للرباط في هذه المدينة المقدسة، ونلت مقابل هذا اعتقالات وإبعادات عن المسجد الأقصى، ولكني لم ولن أتراجع يومًا عن مسيرتي، قرروا إبعادي عن جامعة بيرزيت أيضًا ومنعت من تقديم امتحان اللغة الإنجليزية حيث تم اعتقالي والتنكيل بي يومها. ولكني بفضل الله تخرجت في عامين فقط بامتياز وبساعة زائدة عن مقرر الجامعة أي عدد الساعات المفترض إنهاؤها ٣٦ ساعة وأنا أنهيتها ٣٧ ساعة. حقيقة أردت أن أتخرج أن وأبنائي في نفس العام ونلتقط صورة جماعية بزي التخرج. 

"أنت مدعوة للتحقيق" لم يكن وقتها أبدًا، فأنا أجهز نفسي لمغادرة المنزل للذهاب لمناقشة بحث تخرجي من الماجستير، أخبرتهم بذلك لم يهتموا أبدًا. وبعد ساعات من التوتر والقلق أُفرج عني، لأسابق الوقت وأركض إلى جامعة بيرزيت حيث المناقشة. زاد توتري بعد الاستدعاء، تعلمون كيف يكون المرء أساسًا متوترًا أثناء تجاربه الحياتية المهمة. ولكن لا بأس وصلت ودخلت للقاعة، هدأت من روعي فهي ليست أول مرة يتم استدعائي ولا الأخيرة. وشرعت في الشرح. 

أنا هنادي حلواني، مرابطة مقدسية، وحاصلة مؤخرًا على الماجستير في الديمقراطية وحقوق الإنسان، شاءت الأقدار أن ألتحق بهذا البرنامج مع أنني كنت سجلت لبرنامج "دراسات إسرائيلية"، ولكن لم يحالفني الحظ بالقبول فيه، لأنني لم أكتب وأشرح الدافع وراء اختياري لهذا القسم بطريقة مفصلة، ولم أكن أعلم أن القبول يعول عليه. فاتجهت للخيار الثاني وكان خيارًا موفقًا، أردت من خلاله مخاطبة العالم الغربي بلغته. 

وهبت حياتي للرباط في هذه المدينة المقدسة، ونلت مقابل هذا اعتقالات وإبعادات عن المسجد الأقصى، ولكني لم ولن أتراجع يومًا عن مسيرتي، قرروا إبعادي عن جامعة بيرزيت أيضًا ومنعت من تقديم امتحان اللغة الإنجليزية حيث تم اعتقالي والتنكيل بي يومها. ولكني بفضل الله تخرجت في عامين فقط بامتياز وبساعة زائدة عن مقرر الجامعة أي عدد الساعات المفترض إنهاؤها ٣٦ ساعة وأنا أنهيتها ٣٧ ساعة. حقيقة أردت أن أتخرج أن وأبنائي في نفس العام ونلتقط صورة جماعية بزي التخرج. 

وبالفعل تخرجت ابنتي آلاء من تخصص نطق وسمعيات، وابني محمود من تخصص المحاسبة والذي سأحضر حفل تخرجه قريبًا، وسيتخرج ابني أحمد من الثانوية العامة هذا العام. شعور لا أستطيع أن أصفه لكم، أعود بالذاكرة لوقت ما باغتتني آلام المخاض في حفل تخرجي من البكالوريوس قبل أعوام في ابني، وها هو الآن يحضر معي حفل تخرجي من الماجستير، برفقة أخوته آلاء ومحمود وحمدي. 

في مسيرة الماجستير خضت دوربًا عديدة، اجتهدت وبذلت كل ما بوسعي، سافرت ومثلت فلسطين في المؤتمرات الدولية، تحدثت عن قضيتنا الأولى، عدت إلى الوطن من جديد بعد رحلة في الأردن وفلسطين، وعكفت على إنهاء الماجستير، فقدمت "سيمنار" بالحقوق وآخر بالديمقراطية ونال إعجاب اللجنة. تحدثت في بحث الحقوق عن حرية الحركة والتنقل وتأثيره على الأكاديمين الفلسطينيين وتأثره بالواقع الفلسطيني. 

السير في الطرق يحتاج إلى رفيق درب مخلص، كلما أنهكتك الدنيا، ساندك هو، زوجي الذي عرفته منذ سنوات طوال ظل داعمًا لي في كل مرحلة من حياتي، لم يتوان عن تشجيعي وتقديم كل أشكال الدعم لي، وما زال حتى اللحظة نعم الرفيق والزوج. 

نعم لقد أنهيت الماجستير بعد رحلة طويلة، كنت آمل أن ألتقط صورتنا الجماعية بثوب التخرج أنا وأبنائي ورفيق الدرب في الأقصى، ولكني مع الأسف مبعدة عنه من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأيضًا ممنوعة من السفر خارج الوطن. ولكن لا بأس سنظل نرابط معتكفين صامدين باقين لآخر رمق فينا ندافع عن البلاد. الخطوة القادمة لي هي تعلم اللغات لأستطيع أن أوصل رسالة قضيتنا للعالم أجمع بلغتهم. إضافة إلى نيل الدكتوراه في المستقبل القريب. 

وأخيرًا، أسأل الله أن يمنّ علينا بالتحرر قريبًا.