بنفسج

الأسيرة ياسمين شعبان: عزل انفرادي وزنزانة

الإثنين 02 أكتوبر

كالياسمين الشامي يُزهر ويفوح شذاه أينما وُجد وانطلق، كانت الأسيرة ياسمين لرفيقاتها في الأسر، أو بالأصح لبناتها، كما كانت تناديها الأسيرات في صُلب معاناتهن، ياسمين تيسير شعبان (40 عاماً) من قرية الجلمة قضاء جنين، تدخل عامها الثاني في اعتقالها الثاني لدى قوات الاحتلال، أمٌ لأربعة أطفال، كان اعتقالها الأول عام 2014 بعد اقتحام منزلها وترويع أطفالها بتهمة محاولة تنفيذ عمليةٍ استشهادية، و حكم عليها بالسجن الفعلي لمدة خمسة أعوامٍ قضتها مصابرة مرابطة ، ليعاد اعتقالها مجدداً بداية عام 2022 ،  حيث لم تزل تقضي أيامها خلف القضبان بلا حكم حتى يومنا هذا .

الأسيرة الفلسطينية ياسمين شعبان

 
في اعتقال ياسمين الأول الذي استمر خمسة أعوامٍ متواصلة، كانت نقطة التحول في سجون الأسيرات حيث شهدت فترة عامي 2015 و2016 اعتقال عددٍ كبيرٍ من الأسيرات القاصرات (تحت سن 18) بتهمة محاولات تنفيذ عمليات طعن، وبعضهن وصل سجن الهشارون وهن جريحات.
 
 فكانت ياسمين على رأس الأسيرات اللاتي تطوعن للاعتناء بهن صحياً ونفسياً حتى تماثلن للشفاء.
، وكان هذا من أسباب تعميق علاقتها بغالبية الأسيرات وخاصة أسيرات الأحكام العالية، والقاصرات، حيث كانت بمنزلة الأم والمربية لهن. 
في اعتقال ياسمين الأول الذي استمر خمسة أعوامٍ متواصلة، كانت نقطة التحول في سجون الأسيرات حيث شهدت فترة عامي 2015 و2016 اعتقال عددٍ كبيرٍ من الأسيرات القاصرات (تحت سن 18) بتهمة محاولات تنفيذ عمليات طعن، وبعضهن وصل سجن الهشارون وهن جريحات.
 
 فكانت ياسمين على رأس الأسيرات اللاتي تطوعن للاعتناء بهن صحياً ونفسياً حتى تماثلن للشفاء.، وكان هذا من أسباب تعميق علاقتها بغالبية الأسيرات وخاصة أسيرات الأحكام العالية، والقاصرات، حيث كانت بمنزلة الأم والمربية لهن ، وأيضاً بفعل الخبرة والتجربة الطويلة لياسمين في السجن وفي معايشة مشاكل الأسيرات والسعي في حلّها، نظراً لتجربتها المستمرة في هيئة التمثيل الاعتقالي  أمام إدارة السجون ، حيث كانت ممثلة الأسيرات في سجن الهشارون.

في 2019 عام استنشقت ياسمين الحرية، وعادت إلى أحضان أطفالها وأهلها تاركةً خلفها بناتها الأسيرات، إلا أن هذا الغياب لم يطل حيث عادت إلى زنزانتها مجدداً بداية عام 2022 لتتسلم راية عميدة الأسيرات الفلسطينيات، وتشرف على مساعدتهن ونصرة قضاياهن .


اقرأ أيضًا: زينة أبو عون: الارتباط بالأسرى قرار بالوقوف في خندق النضال


وفي السجن حكايات لا تنتهي، لا يمكننا اختزالها بجدران وشباك ومحتل، بل تفاصيل وأيام تمر بساعاتها ودقائقها وظروفها الصعبة، فتحاول الأسيرات بين الفينة والأخرى،محاربة الواقع المرير ومحاولة  مد جسور من الأمل للحياة خارج أسوار السجن ، الأمر الذي لا يروق للإحتلال الذي يستمر بالتنغيص عليهن لفصلهن عن الحياة الخارجية ،  ففي الشهر الماضي اقتحمت وحدات القمع التابعة لإدارة السجن غرف الأسيرات، وشرعت في تفتيشها والاعتداء على عددٍ منهن، ونقل البعض إلى العزل الانفرادي ومن ضمنهن ياسمين بعد احتفالٍ عفوي قمن به فرحاً بعملية القدس الأخيرة.

العزل الإنفرادي الأصعب

FB_IMG_1679210310594.jpg
الأسيرة المحررة ياسمين شعبان ووالدها

وفي الغرفة الضيقة الباردة، وعلى بطانيةٍ واحدة قضت ياسمين أيامها التسع في عزلٍ انفرادي تُعاقَب فيه على موقفٍ من مواقف الحياة، تُحرم منه الأسيرات داخل السجون، حيث أكد والد الأسيرة ياسمين السيد تيسير حماد "أبو العبد" أن هذا العزل لم يكن للمرة الأولى، بل عُزلت قبل ذلك مرتين وحُرمت من الزيارة لمدة شهر، مما أدى إلى تفاقم وضعها الصحي بسبب سوء التهوية، فهي تعاني من الربو أساساً، إضافة إلى مشاكل صحيةٍ أخرى.

ويقول أبو العبد أن اعتداء قوات القمع على الأسيرات وعزلهن أدى إلى توتر الأوضاع في جميع السجون عند الأسرى والأسيرات على حدٍ سواء، وتصعيد الأحداث في غرف الأسيرات، تحديداً بعد قيامهن بحرق الغرفة والقرع على الأبواب احتاجاً على ذلك، ويضيف: "ياسمين لم تتعاون مع التحقيق منذ اللحظة الأولى لعزلها، وأعلنت الإضراب عن الطعام، فهي صلبة وقوية ولا ترضى بالظلم أبداً، وظروف العزل كما نعلم كانت سيئة للغاية مع الأجواء الباردة وعدم وجود دورة مياه، كما مُنعت من التواصل معنا حتى اطمئن عليها المحامي بعد زيارتها".


اقرأ أيضًا: السيدة حسنية أبو عون: خليفة الغازي على الأهل والبنون


وفي نهاية حديثه وجه أبو العبد رسالته إلى أهالي الأسرى والأسيرات بقوله: "أنتم سند أولادكم وبناتكم داخل المعتقلات، ارفعوا معنوياتهم دائماً وقفوا إلى جانبهم، نحن وهم شركاء في التعب والفرح والحزن والنصر إن شاء الله، هم ينتظرون منا الدعم أكثر من أي أحد آخر، فلا تتركوهم ولا تملوا من قضيتهم ونشرها فخراً وتقديراً".

شهادة أسيرات عن الأم ياسمين شعبان

______-______-____________-1.jpg
الأسيرة المحررة لمى خاطر بجانبها الأسيرة المحررة إسراء لافي

وفي حديثٍ مع الأسيرة المحررة لمى خاطر، والتي رافقت ياسمين طيلة فترة اعتقالها، تؤكد على أن ياسمين شعبان من الأسيرات اللاتي تركن بصمة عميقة، وأثراً كبيراً في واقع وحياة الأسيرات، لما تمتاز به من سمات التفاني والعطاء وحسن التواصل والاحتواء والاستيعاب، إضافة إلى الشجاعة والقوة، ولمبادرتها دائماً لخدمة الأسيرات والوقوف على أدق احتياجاتهن، وخصوصاً بسبب وجودها في هيئة تمثيل الأسيرات، في اعتقالها الأول ثم في اعتقالها الحالي، وتضيف : "تعدّ ياسمين اليوم صمام أمان واستقرار لأوضاع الأسيرات، ودرعاً قوياً لهنّ أمام صلف وتعنّت إدارة السجن، خصوصاً بعد التضييقات الأخيرة على الأسرى والأسيرات في السجون".

وهذا ما أكدته أيضاً الأسيرة المحررة إسراء لافي بحديثها: "بدأت معرفتي بياسمين بعد الاستقبال بنداء الفجر الشهير، فهي تبدأ يومها صباحًا بقيام الليل، ثم على موعد الفجر تنادي: "صبايا أذّن الفجر"، بصوت يشق هدأة الليل، مجددًا فينا العزم على الثبات، ثم تنادي على اسم أسيرة من كل غرفة لتتأكد من انتباه الجميع، وتستأنف يومها مع ساعة الرياضة الباكرة، تقدم خبرتها وخدماتها".


اقرأ أيضًا: نورا ومحمد.. 48 مؤبدًا بميثاقِ حُبٍّ وانتظار


هكذا حلت ياسمين على جميع من عرفها مؤنسةٌ صدوقة، تعطف على من حولها وتقدم العون دون سؤال، تقضي أيام سجنها برفقة 29 أسيرة أخرى بقصصٍ وتفاصيل لا يفهمها إلا من عاش فيها وذاق مرارة الأسر يوماً بيوم.