بنفسج

قصتي.. إيمان حسن عبد الرحمن

الثلاثاء 16 مايو

"إيه القرف اللي رسماه ده" "أنت مصابة بالسكري" "في أمل يوجد علاج للسكر"، كنت قرأت في مرة أن الكلمات تحيي وتُميت، ترفع إنسانًا للسماء من فرط حماسه، وترميه في قاع الأرض من حزنه، في طفولتي لم أعش بشكل طبيعي كالأطفال، قضيت أيام وشهور أتنقل في المستشفيات لأعرف سبب توعكي الصحي، ولكن لا نتيجة، وبعد معاناة كانت الكارثة وقتها بالنسبة لطفلة في الثانية عشر من العمر، أنت مصابة بمرض السكري، لم أستوعب ما هذا السكري! أوليس يصيب الكبار! أوليس مرض وراثي! لماذا أنا! ماذا سأفعل! تساؤلات عديدة سألتها لنفسي على مدار سنوات، تدمرت فيهم حالتي النفسية، أصبحت أكثر انطواءا، وأقل عزيمة.

"إيه القرف اللي رسماه ده" "أنت مصابة بالسكري" "في أمل يوجد علاج للسكر"، كنت قرأت في مرة أن الكلمات تحيي وتُميت، ترفع إنسانًا للسماء من فرط حماسه، وترميه في قاع الأرض من حزنه، في طفولتي لم أعش بشكل طبيعي كالأطفال، قضيت أيام وشهور أتنقل في المستشفيات لأعرف سبب توعكي الصحي، ولكن لا نتيجة، وبعد معاناة كانت الكارثة وقتها بالنسبة لطفلة في الثانية عشر من العمر، أنت مصابة بمرض السكري، لم أستوعب ما هذا السكري! أوليس يصيب الكبار! أوليس مرض وراثي! لماذا أنا! ماذا سأفعل! تساؤلات عديدة سألتها لنفسي على مدار سنوات، تدمرت فيهم حالتي النفسية، أصبحت أكثر انطواءا، وأقل عزيمة.

أنا إيمان حسن عبد الرحمن، خريجة آداب فرنسي من جامعة الزقازيق، لقد وصلت لهذه النقطة بعد سنوات من المعافرة مع المرض، ودخول شهري للعناية المركزة، وتحطم نفسي عنيف، ولكن في مرحلة ما قررت أن أعيد مجد طفولتي في الرسم، فأنا الحاصلة على جوائز في الرسم منذ عمر مبكر، ثم انقطعت لفترة، وعاودت النهوض بقوة في الجامعة، وعكفت على تطوير موهبتي في الرسم أكثر، فبدأت بالفعل ولكن واجهت التنمر والتقليل مما أرسم من بعض المحيطين بي، فتوقفت من إحباطي، ثم عاودت بعد شهور واشتريت أدوات من مصروفي الخاص لأُحسن من لوحاتي.

بعد الانطلاقة الثانية اندمجت في عدة أنشطة طلابية في الجامعة، واشتركت في فعاليات عديدة، ونلت لقب الطالبة المثالية في دفعتي لتفوقي في الدراسة، والرسم، توالت الأيام وأنا أكبر وأتطور، وشعور الامتعاض الذي يرافقني من السكري يقل، وإيماني بأن كل أقدار الله خير يزيد.

الخط العربي كان رفيقي الأول حين دخلت عالم الرسم من جديد، فبدأت أجلب الأقمشة القديمة في المنزل والورق، وأكتب عليه بخط جذاب، والفضل في هذا يعود لوالدي الذي أمسك في يدي ببداية الطريق. سرعان ما تحولت للرسم الجرافيتي وإعادة التدوير لأشياء لاستغلالها في ابتكار أيقونة فنية صغيرة. ثم توجهت للرسم على الخشب وأكبر صعوبة واجهتني هي كيفية تقطيع الخشب للأحجام التي أريد وفقًا لما أريد إنتاجه. أخي كان يساعدني بشراء ألواح الخشب الكبيرة ويحملها معي، ويقوم مع بالقص أيضًا.

انغمست في عالم الرسم أكثر، وحاولت أن أتناسي مرضي الذي نال مني كثيرًا، لم أكن أفهم معنى السكري في البداية، لربما لو كنا وعائلتي أكثر علمًا وراية بماهيته لحافظت على صحتي النفسية أكثر، ولكن قدر الله غالب، لن أنس طوال حياتي كمية الإبر التي أضطر لأخذها يوميًا، كنت أتمرد أحيانًا وأرفض العلاج بعدما أسمع عبارات من نوعية "ده في علاج للسكر متقلقيش" كانت مثل هذه الكلمات ترهقني نفسيًا لأنها تعطيني أمل واهم، لا داعي لإخبار أي مريض بمرض مزمن أنه يوجد علاج وأمل، فهذا سيدمره كما دمرني بفترة من الفترات.

كان الأطفال طوق النجاة بالنسبة لي، اندمجت في أنشطة تخصهم، علمتهم الرسم، وإعادة التدوير وابتكار تحف فنية من الرسم، لوحاتي وصلت لكل محافظات مصر ولسويسرا أيضًا، كان أساتذتي بالجامعة ومديرها يدعمونني بأطيب الكلام والتشجيع اللامتناهي، وهذا شكل فارقًا معي، فدعم العائلة والمحيطين يفرق جدًا مع أي شخص، يود المرء في كل مرة أن يُبدع أكثر، ويُخرج أفضل ما لديه.

أقول لمرضى السكري لا تدعوا أحد يعرف بمشكلتكم ستعانون أكثر من نظرات الشفقة والهمسات في وجودك وغير وجودك، لا تتأثروا بأي كلمة هدامة، فهذا أمر لا يد لك فيه، إنه اختبار من الله لصبرك. وأخيرًا، أأمل أن افتتح أكاديمية للأطفال لتعليمهم اللغة الفرنسية، والرسم وإعادة التدوير، وأن أنقل خبرتي البسيطة لأكبر عدد ممكن.