بنفسج

أم خالد خروشة.. "امرأة من السماء" عاندت الحزن فغلبته

الخميس 17 اغسطس

لم تحز أم خالد خروشة على لقب "امرأة من السماء"، كما يحلو لمن حولها مناداتها، من فراغ، فهي زوجة الشهيد عبد الفتاح خروشة، منفذ عملية حوارة البطولية، التي قتل فيها مستوطنين اثنين، وأشاد بها الجميع، وأم لثلاثة أسرى وهم أبناؤها الذكور: خالد ومحمد وقسام، وأخيرًا صاحبة البيت الذي فجره الاحتلال عقابًا للعائلة على جهادها ونضالها.

الأم المناضلة

 

تقف أم خالد صامدة صابرة، تناطح بعزيمتها عنان السماء، فوق ركام بيتها الذي هدمته قوات الاحتلال، تتحدث والابتسامة لا تفارق محياها، لتسرد تفاصيل قد يبكي عليها كل من سمعها، لكنها تعاند الدنيا ودمعها، وتتحدث بسلاسة وثبات عما حدث لها ولعائلتها ومنزلها. هي أم خالد (49 عامًا) من مدينة نابلس، ربة بيت وأم لخمسة أبناء، ارتبطت بالشهيد عبد الفتاح، بزواج قد يسميه البعض "تقليدي"، لكنه زواج مثالي اكتملت فيه أركان السعادة والهناء، وبني على أسس مكنته من الصمود في أصعب الظروف.

 

تقف أم خالد صامدة صابرة، تناطح بعزيمتها عنان السماء، فوق ركام بيتها الذي هدمته قوات الاحتلال، تتحدث والابتسامة لا تفارق محياها، لتسرد تفاصيل قد يبكي عليها كل من سمعها، لكنها تعاند الدنيا ودمعها، وتتحدث بسلاسة وثبات عما حدث لها ولعائلتها ومنزلها. هي أم خالد (49 عامًا) من مدينة نابلس، ربة بيت وأم لخمسة أبناء، ارتبطت بالشهيد عبد الفتاح، بزواج قد يسميه البعض "تقليدي"، لكنه زواج مثالي اكتملت فيه أركان السعادة والهناء، وبني على أسس مكنته من الصمود في أصعب الظروف.

فضلت خروشة أن تترك جامعتها بعد السنة الأولى من دراستها، وتتفرغ لتربية أبنائها ورعاية أسرتها، حتى استطاعت برفقة زوجها أن تربي خمسة أبناء تربية صالحة، فهم من حفظة القرآن الكريم، ومن أوائل الطلاب خلال مراحلهم التعليمية، وقد حازوا على شهادات جامعية بالرغم من مرورهم في ظروف في غاية الصعوبة، لا سيما أن والدهم كان معتقلًا لسنوات.


اقرأ أيضًا: صفاء أبو سنينة: خشونة الزنزانة أبعد من حدود الرواية


تقول أم خالد عن فترة اعتقال زوجها في سجون الاحتلال: "كانت من أصعب السنوات، فقد كنت وحدي مسؤولة عن أسرتي وأبنائي ولم يكن يكفي راتب الأسير سوى توفير الحاجات الأساسية فقط لأبنائي، في الوقت الذي كانوا يدرسون في الجامعة، فاضطر ابني خالد لترك دراسته والعمل لمساعدتي في المصاريف الجامعية لإخوته".

ثلاثون عامًا مع زوجها

أما عن أخلاق زوجها تقول: "كان حسن المعشر وطيب الخلق، كريم وحنون، عشنا سويًا أجمل أيام حياتنا كانت حياتنا وتنميت أن نكبر ونشيخ سويًا، ونقضي باقي أعمارنا برفقة بعض، لكن الله اصطفاه بالشهادة، واختار جنات النعيم بإذن الله، كانت الشهادة حلمًا لزوجي كما شباب فلسطين؛ فهو الذي كان يقول لي دائمًا إذا أردت أن تدعي لي بالخير، فادع لي بالشهادة، وقد نال ما تمنى ورفع رؤوسنا ورؤوس أبنائه عاليًا، فكلنا فخر بأننا عائلة الشهيد".

تؤمن أم خالد أن صلاح الأبناء من صلاح أبيهم؛ فهو المربي والقدوة الذي زرع في داخلهم، منذ الصغر، مبادئ وقيم إسلامية من صلاة وصيام واحترام للغير، فنشأوا على هذه الأخلاق الحميدة التي يتباهى بها الجميع.

تستذكر أم خالد رحلة الثلاثين عامًا التي عاشتها مع زوجها الشهيد عبد الفتاح، كيف كان سندًا لها وللعائلة، يساعدها في تربية الأبناء، في تحفيظهم القرآن وحثهم على الالتزام في الصلوات والمساجد؛ فيعقد الجلسات والدروس دينية لأبنائه لتثقيفهم وتوعيتهم في أمور دينهم ودنياهم. لا زالت تستذكر أدق تفاصيل حياتها مع زوجها وأبنائها في بيتها الذي أسسته حجرًا حجرًا، وانتقت كل ما فيه وفق ذوقها، تحاول جاهدة أن تبدو ثابتة؛ فهي تعلم أن خلفها خمسة أبناء يستمدون منها القوة، لا سيما بعد استشهاد والدهم.

تجول في بصرها جوانب منزلها المنهارة، وتشير بأيديها إلى زواياه، هنا كانت غرفة أبنائي، وهذا هو مكان غرفتي، في هذه الزاوية تناولنا قهوتنا صباحًا، وفي هذا الركن كان يلهو أبنائي وهم صغار، هنا كانت "البرندة"، هي روح الدار ومنفذ الشمس والهواء العليل ليلًا ونهارًا.


اقرأ أيضًا: ذاكرة مؤجلة ولمسة أصبع: برواية أم أحمد مناصرة


أما عن أخلاق زوجها تقول: "كان حسن المعشر وطيب الخلق، كريم وحنون، عشنا سويًا أجمل أيام حياتنا كانت حياتنا وتنميت أن نكبر ونشيخ سويًا، ونقضي باقي أعمارنا برفقة بعض، لكن الله اصطفاه بالشهادة، واختار جنات النعيم بإذن الله، كانت الشهادة حلمًا لزوجي كما شباب فلسطين؛ فهو الذي كان يقول لي دائمًا إذا أردت أن تدعي لي بالخير، فادع لي بالشهادة، وقد نال ما تمنى ورفع رؤوسنا ورؤوس أبنائه عاليًا، فكلنا فخر بأننا عائلة الشهيد".

تؤمن أم خالد أن صلاح الأبناء من صلاح أبيهم؛ فهو المربي والقدوة الذي زرع في داخلهم، منذ الصغر، مبادئ وقيم إسلامية من صلاة وصيام واحترام للغير، فنشأوا على هذه الأخلاق الحميدة التي يتباهى بها الجميع. أما عن استشهاد زوجها تبين  أنه خرج لأداء الصلاة، وقال لها إنه عازم للذهاب والبحث عن عمل، لكنه لم يعد إلا محملًا على الأكتاف، بعد الإعلان عن اغتياله خلال اقتحام قوات الاحتلال لمدينة جنين، واعتقال أبنائها.

عن اغتيال زوجها

امهات الشهداء.jpg
أمهات الشهداء في زيارة لعائلة الشهيد عبد الفتاح خروشة

لا تفارق كلمات الحمد والشكر لسان أم خالد، وهي تروي ما حل بها من آلام وأوجاع وصعاب، وتتابع: "جرى اغتيال زوجي في جنين والحمد لله رب العالمين أتاني مودعًا شهيدًا". "لحظات الفراق صعبة جدًا"، هكذا تقول أم خالد وهي التي فارقت زوجها للأبد، وفارقت أبناءها الثلاثة لأجل غير معلوم في سجون الاحتلال، أكبرهم خالد الذي يفتقده أطفاله دائمًا ولا ينفكون عن السؤال عنه، ومحمد الذي عاد للأسر بعد أشهر قليلة من الحرية، وقسام الذي تعطلت دراسته الجامعية.

لقد كانت لحظات الوداع صعبة جدًا على قلبها مكلوم، فما زالت غير قادرة على وصف شعورها لحظة تلقيها الخبر، ولا على وصف آلامها عند الوداع، وهي تحمل هم أبنائها الأسرى الذين لم يعرفوا نبأ استشهاد والدهم إلا بعد 25 يومًا من اعتقالهم، ولم يستطيعوا حتى إلقاء نظرة الوداع عليه، ولا طبع قبلة على جبينه. وبالرغم من أن الاحتلال هدم منزل عائلتها وشرد وأسر أبنائها، لكنها ترى أنه بذلك لم ولن يهزم عزيمتهم وإرادتهم وروح المقاومة فيهم، بل سيزيدهم إصرارًا على ما هم عليه وتحديًا له.


اقرأ أيضًا: " يوسف شهيداً" .. تبيض العين ويربط الله على القلب


تصارع أم خالد ذكرياتها في المنزل ما بين فرح على ما مضى وحزن على ما صار، لكنها تصر أن تحتل تلك الذكريات الجميلة مكانًا في قلبها، كي تبقى قوية بها، فما إن ترادوها لتضعف قلبها الموجوع، تسترجع سريعًا ذكرياتها الجميلة في المنزل لتمدها بالثبات، الذي يمكّنها من الصمود أمام أبنائها والوقوف معهم وتقوية عزيمتهم.

تختم خروشة حديثها وهي ترفع أيديها بالدعاء وتردد: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها، الله يرضى عليهم أولادي ويفك أسرهم ويرحم زوجي".