بنفسج

متحف التراث الفلسطيني: 280 ثوبًا قديمًا وثلاثة آلاف قطعة أثرية

الأربعاء 06 سبتمبر

تكللت جهود الراحلة المقدسية هند الحسيني بالنجاح عام 1978، بعد محاولاتها توثيق التراث الفلسطيني الشعبي بمتحف خاص بمدينة القدس، ففي عام 1962، بدأت بتأسيس متحف التراث الفلسطيني أو متحف دار الطفل للتراث الشعبي الفلسطيني، في مبنى قديم عمره حوالي 150 عامًا.

وفي ذات المبنى، كانت الحسيني قد أسست دار الطفل العربي، الذي يُعد المتحف أحد مرافقه لتتبنى فيها كل الأطفال الأيتام الذين استشهد آباؤهم على يد الاحتلال خلال مجزرة دير ياسين في العام 1948، والتي راح ضحيتها نحو 250 فلسطينيًا، حيث أوتهم ورعتهم ووفرت لهم كل مقومات الحياة الكريمة.

سيرة متحف التراث الفلسطيني

متحف الترابت الفلسطيني.jpg
متحف التراث الفلسطيني

كان أيضًا للسيدة البريطانية فيوليت باربر التي عاشت في القدس سنوات طويلة، دور مهم في تأسيس المتحف بالتعاون مع هند الحسيني، لتعريف الجمهور المحلي والعالم الخارجي على التراث الشعبي الفلسطيني العريق، إلى أن افتتح المتحف بشكل رسمي عام 1978.

وقد تجاوزت أهمية محتويات المتحف أصالتها وندرة الكثير من قطعها فقط، حيث تعتبر من أهم المصادر المعرفية لأي باحث في التراث الشعبي الفلسطيني، فقد جُمعت الموجودة فيه خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، عندما أُسس المتحف الشعبي الفلسطيني في العام 1936 خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، وقد جُمعت القطع حينها على امتداد سنوات عديدة، اشتراها القائمون عليه من أصحابها الأصليين الذين كانوا قد صنعوها للاستخدام الشخصي وليس للتوثيق.


اقرأ أيضًا: "فاطمة ريما": أيقونة ثورية وحب فطري للمقاومة


وقد نُقِلتْ ملكية مجموعة المتحف الشعبي الفلسطيني إلى مؤسسة دار الطفل العربي في العام 1969، بعد تجميد عمل المتحف الشعبي في العام 1948 مع انتهاء فترة الانتداب البريطاني، وتخزين المجموعة في متحف الآثار الفلسطيني (متحف روكفلر حاليًا) خلال فترة الحكم الأردني.

يحتوي المتحف المكون من ثلاثة طوابق، على 280 ثوبًا قديمًا، وثلاثة آلاف قطعة أثرية، والعديد من الغرفة التي سُميّت نسبة لما تحويه من مقتنيات، ومقتنيات وأثاث وصور قديمة، وعدد من مفاتيح منازل القرى التي هجرها الاحتلال، والحُلي، والأزياء فلسطينية قديمة. ويضم المتحف عددًا من القاعات الكبيرة؛ ففي الطابق الأرضي يوجد 6 قاعات تحمل أسماء فلسطينية مختلفة، من بينها قاعة الإعلام المخصصة لعرض أفلام وثائقية مختلفة ومحاضرات لطلبة المدارس الذين يزورون المتحف.

محتويات متحف التراث الفلسطيني

 
ولقاعة "غرفة القدس" أهمية خاصة، فنجد الأثاث الدمشقي والمحلي الفلسطيني، الذي استخدم في أوائل القرن العشرين وحتى نكبة عام 1948، إذ تعرض القاعة أثاثًا لغرفة ضيافة مقدسية، كانت في إحدى بيوت العائلات المرموقة، كما يضم الطابق العلوي، غرف عديدة تكدست بها المقتنيات التي تحكي قصصاً تاريخية، منها غرفة لماكينات الخياطة وأدوات الغزل التي كانت تستخدم قديمًا.

أما في قاعة "دير ياسين" التي سُميت باسم القرية التي شهدت أبشع مجزرة على يد العصابات الصهيونية، فتحتوي على مجسم للقرية، إضافة لخريطة فلسطين التاريخية وتظهر عليها 450 قرية فلسطينية مهجرة أو مدمرة بسبب النكبة، وبعض الصور والمقتنيات الخاصة بقرية دير ياسين، ومن بينها عدد من مفاتيح منازل القرية التي حملها الأهالي معهم أثناء تهجيرهم.

وتخليدًا لذكرى مؤسسة المتحف، أنشأت إدارته داخله قاعة تحمل اسمها "هند الحسيني"، وتحتوي على بعض مقتنياتها الشخصية إضافة إلى الآلة الطابعة الأثرية الخاصة بها وهاتف قديم وبعض المطرزات الفلسطينية، وسريرها ومكان نومها، بينما في الطابق الأرضي فهناك 3 قاعات متجاورة، خصصت لكل ما هو مصنوع من القش والفخار والأدوات الزراعية التي كان الفلسطينيون يستخدمونها، إلى جانب أدوات المطبخ المصنوعة من الفخار والطين.


اقرأ أيضًا: هادية السعافين: تؤرخ للتغريبة والنضال في "الفالوجة" المهجرة


ولقاعة "غرفة القدس" أهمية خاصة، فنجد الأثاث الدمشقي والمحلي الفلسطيني، الذي استخدم في أوائل القرن العشرين وحتى نكبة عام 1948، إذ تعرض القاعة أثاثًا لغرفة ضيافة مقدسية، كانت في إحدى بيوت العائلات المرموقة، كما يضم الطابق العلوي، غرف عديدة تكدست بها المقتنيات التي تحكي قصصاً تاريخية، منها غرفة لماكينات الخياطة وأدوات الغزل التي كانت تستخدم قديمًا.

وخصصت ثلاث قاعات في متحف التراث الفلسطيني للأزياء الشعبية، الأولى التي عرضت الأزياء والملبوسات التراثية الخاصة بكل المدن الفلسطينية من شمالها إلى جنوبها، ولأثواب كانت تلبسها السيدات المقدسيات في الأفراح والأعياد، وأخرى لأثواب الحياة اليومية، لتجاورها في قاعة أخرى مجموعة من الحلي الشعبية الفلسطينية من القلائد والأساور والخواتم.

متحف التراث لدعم الهوية الوطنية الفلسطينية

متحف.jpg
متحف التراث الفلسطيني

يزور المتحف إلى جانب طلبة المدارس، العديد من الوفود الأجنبية والعربية، وموظفو المؤسسات الثقافية والقناصل والسفراء، ويقدم المتحف شرحًا وافيًا عن كل قطعة باللغتين العربية والإنجليزية، ويفتح أبوابه خمسة أيام في الأسبوع. أغلق المتحف لعدة سنوات ثم أعاد المقدسيون ترميمه وافتتاحه عام 2012، إذ يعتبر ثاني أكبر متحف في مدينة القدس، بعد المتحف الإسلامي الموجود في المسجد الأقصى المبارك.

ولا يقتصر عمل متحف التراث الفلسطيني على عرض القطع الأثرية التي يحمل كل منها قصصًا وتاريخًا، بل يحتضن مشاريع عديدة، ومنها مشروع إنتاج أفلام قصيرة لطالبات المدرسة، من أجل تطوير قدرات الفتيات المقدسيات وزيادة وعيهن بالمتاحف وأهميتها. ويهدف المتحف إلى إيصال رسالة سياسية مهمة تدعم الهوية الوطنية الفلسطينية على الصعيدين المحلي والعالمي، ويعد سلاحًا قويًا يحارب به الفلسطينيون في سبيل الترويج للهوية الوطنية الفلسطينية أمام العالم، والحفاظ عليها.


اقرأ أيضًا: سونيا نمر: تاريخ فلسطين تختصره حكاية جدي


يواجه القائمون على المتحف تحديات كبيرة في سبيل الحفاظ على هذا المبني التاريخي وما يضمه من أرث ثقافي فلسطينيي تاريخي، في ظل التضييقات المفروضة عليهم من قبل الاحتلال. ويساهم الفلسطينيون في داخل فلسطين وخارجها بدعم المتحف والتبرع له، بالمقتنيات الشخصية والأموال هدف دعم صمود القائمين عليه، وتعزيزه بالمقتنيات الفلسطينية الأثرية، والمحافظة على المبنى القديم وعلى التراث المقدسي.