بنفسج

أم لطفل باحتياجات خاصة: دعم ولكن من أي نوع؟

السبت 13 يونيو

عند الحديث عن عالم الأمومة، تتنوع التجارب، وتختلط الخبرات، وتأتي التجربة الشخصية دوما لتكون سيدة الموقف! لا بأس، فالأمومة من أخص تجارب المرأة التي تعيشها بكل وجدانها وكيانها، وتختلف هذه التجارب باختلاف الأطفال وشخصياتهم، تختلف بين أم البنت وأم الولد، بين أم المراهقين وأم الأطفال الناشئين وبالتأكيد، تختلف بين أم الأطفال الملائكيين و أم الأطفال الآخرين.

تشير دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية، إن ما نسبته 10% إلى 15% من الأمهات في العالم يصبن باكتئاب ما بعد الولادة، وترتفع نسبة الإصابة بالمرض في البلدان النامية إلى 20%، ويبدأ اكتئاب ما بعد الولادة باضطراب في المزاج، تشعر الأم بحزن شديد وقلق وإرهاق.

تتطور هذه الأعراض بتطور مسؤوليات الأم وتزايد الضغوطات عليها، وتتراجع من خلال المشاركة والتفريغ النفسي، وبالتأكيد جميعنا كأمهات نبحث عن المشاركة في التجارب ونشعر بأن هناك من يفهمنا ويدرك ما نمر به ويمر به في ذات الوقت، فلنسمه "دعما معنويًا"، يشعرنا بالاحتضان وبالتقارب، ولا شك أن أمهات الأطفال الملائكيين يحتاجون للدعم بشكل خاص، لا نحدث عن نظرات الشفقة بالتأكيد، بل نتحدث عن الدعم الحقيقي؛ مستمع جيد يستمع بصدر رحب، يد حانية تمد العون في الأوقات الصعبة، عقل راجع يفكر ويتوصل إلى حلول وأفكار.

 | دعم ولكن.. من أيّ نوع؟

 
تشير دراسة علمية نشرتها المجلة الأردنية للعلوم الاجتماعية بعنوان: "أثر وجود طفل -معاق- على الوالدين: دراسة ميدانية" أن أكثر من 50% من العينة المبحوثة من الأمهات والآباء الذين يعتنون بطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أظهروا علامات قلق، وتوتر، واكتئاب، علاوة على ضعف العلاقات الزوجية ما بين الأزواج أنفسهم، وميل الأسر لتربية أبنائها منزليًا بمعزل عن المجتمع الذي لا يتقبل ذوي الاحتياجات الخاصة.

فيما يلي، ندرج لك صديقتنا الأم بعض ذوقيّات التعامل مع أم الطفل الملائكي من ذوي الاحتياجات الخاصة:

| لا للمواساة: عند لقاء أم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، لا تبدأي بالمواساة التقليدية والجمل المقولبة التي تشعر الأم "بمصيبة" واقعة في حياتها! الكلام النابع من القلب هو الأقرب للنفس، وأكدي للأم دعمك وجاهزيتك لسماعها أو مساعدتها بأي وقت، لو كنت فعلًا قادرة على ذلك، إضافة إلى محاولتك الحقيقة لفهم ما يدور في حياتها والتحديات التي تواجهها.

| الهدية الخدماتية: اختاري لصديقتك هدية تتناسب مع ظروفها، ونؤكد لك أن الهدية المثالية لأي أم طفل ملائكي هي الهدايا الخدماتية؛ كإرسال عاملة منزلية لمساعدتها، أو العناية بأطفالها بضع ساعات، كي تتمكن مثلًا من الخروج مع زوجها الذي لم تتفرغ له منذ أشهر، وربما موعد للتدليك أو تدليل نفسها قليلًا في صالون التجميل.

| راعي الظروف: قد تعتذر الأم مرات كثيرة عن لقاءات الأصدقاء والأهل؛ لأن حياتها متقلبة ولا يمكنها التحكم بظروفها، ولكن لا تجعلي هذا عذرًا لنبذها عن اللقاءات وعدم دعوتها؛ كي لا تشعر بالوحدة، دعي التفاهم والحوار هو أساس صداقتك بهذه الأم ولا تنسي أن ظروفها مرتبطة بطفلها الحبيب الذي لا تستطيع تقديم احتياجاتها على احتياجاته بأي شكل من الأشكال.

| لا تتعاملي بندية: زيارة بزيارة، هاتفًا بهاتف، لأن جدول حياتها مضاعف عن أي أم تقليدية، فلديها زيادةً على قائمتكِ مواعيد التأهيل التي لا تنتهي، ومواعيد المستشفيات والمراجعات، ولقاءات مناقشة تطورات الطفل وغيرها، علاوة على تقلبها النفسي المرتبط بالتحديات التي تعيشها، إذا كنت صديقة جيدة ستتفهمين هذه الأم وتساعدينها قدر طاقتك.

| بادري بالمساعدة: اعرضي مساعدتك عليها وبادري بالخير، فقد تخجل بطلبها منك، بعرضك المساعدة ستجنبينها إحراجا كبيرًا. ولكن هنا يجب أن نؤكد لك عزيزتنا، عندما تعرضين المساعدة كوني على اطلاع وثقة بأنك على قدر هذه المساعدة، ثقفي نفسك مجددًا حول حالة الطفل وقيمي إذا كنت مستعدة للتعامل مع الحالة بشكل يساعد الأم ولا يضيف لها عبئًا جديدًا.

| ثقفي نفسك: عند التفكير للخروج معها للقاء ما، اسأليها عن المكان المناسب لها في البيت أو خارجه، واتركي لها حرية تحديد المكان؛ لأنها مرتبطة بطفلها، وستقرر المكان وفقا لما يناسبه.
 
وهنا من المهم أن نشير أن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تختلف مستويات التحديات لديهم؛ فمن الضروري معرفة حالة طفل صديقتك بشكل واضح، هل هي إعاقة حركية؟ ذهنية؟ أو غير ذلك، وثقفي نفسك لتمدي يد العون الحقيقية لهذه الأم.

| اشرحي لأطفالك: علمي أطفالك تقبل الاختلاف، وقبول الأطفال الملائكيين، ومبادرة اللعب معهم، أبعديهم عن خُلق التنمّر، ونمّي فيهم الحس الإنساني والقيم الإسلامية. لا تترددي أن تجلسي مع أطفالك وتشرحي لهم عن حالة طفل صديقتك بلغة يفهمونها، كذلك، يمكن توظيف فيديوهات محفزة لإيصال فكرة الاختلاف والتحدي لأطفالك، وأن الله أعطاكم نعمة الصحة فكونوا دائمي الشكر عليها.

| اسألي برفق: في حال وجدتِ صعوبة بالتعامل مع الطفل الملائكي، لا تتردي بسؤال والدته، التي ستسعد بتساؤلاتك الهادفة لفهم طفلها والتواصل معه، بعيدًا عن الفضول المزعج. وهناك العديد من الكتب والدراسات وصفحات الأخصائيين والاستشاريين يمكن أن تساعدك في هذه المهمة النبيلة.

كوني مستمعة: عندما تلجأ إليك صديقتك للحديث عن حياتها ومشاكلها ومشاعرها، ربما هي لا تحتاج نصائح أو حلولًا، فقط استمعي بصدر رحب وابتسامة مريحة، واتركي لها أن تحدد ماذا تريد منك كمساعدة ومساندة.

| كوني لطيفة: تحلّي باللطف والأناة مع أية أم، ولا تحكمي على حياة أحد، فكل إنسان لديه قصته وظروفه ومعركته الخاصة. إن الأمومة تطوي في أيامها تحديات كبيرة، تترتب عليها ضغوطات نفسية هائلة، فمن التفكير في الأولاد وصحتهم ومستقبلهم وأفضل وسائل التربية والانفاق عليهم في هذا العالم المتقلب إلى معالجة مشاكل الحياة والعمل والأسرة، أضيفي إلى ذلك في حال وجود طفل ملائكي في الأسرة وكمية الضغط الواقع على تلك الأم، كوني السند والقوة ولا تكوني القشة التي تقسم ظهر البعير.