بنفسج

قصتي يارا المغاري

الخميس 11 يناير

في يوم 31 أكتوبر الساعة 2:30 الظهر، سمعنا صوتًا قويًا جدًا لم أسمع مثله في حياتي. كانوا دائمًا يقولون لنا: "إلي بضربهم الصاروخ ما بسمعوا صوته، بس إحنا سمعناه وبقوة"، وكانت هذه أول إشارة لنا أننا تعرضنا للقصف ولكننا لم نمت، بل نجونا ولا زلنا على قيد الحياة. ولكن، بعدها بثوان "شفنا حيطان البيت كلها بتنزل علينا، صرنا مدفونين بالحجارة، وكان السواد هو الشيء الوحيد إلي كنا شايفينه".

قرأنا كثيرًا عن أهوال يوم القيامة، سمعنا، ولكن لم أتخيل أن أعيش شيئًا مشابهًا لما عشته بنفسي وبصحبة عائلتي في هذا العدوان الغاشم على غزة.أنا يارا المغاري، عمري 26 عامًا، وأعمل صيدلانية، وأم لابنتين. كنت أسكن في مدينة غزة، ولما بدأت الحرب نزحت حيث أهلي، في مخيم النصيرات، في برج يسكنه 300 شخص تقريبًا .

في يوم 31 أكتوبر الساعة 2:30 الظهر، سمعنا صوتًا قويًا جدًا لم أسمع مثله في حياتي. كانوا دائمًا يقولون لنا: "إلي بضربهم الصاروخ ما بسمعوا صوته، بس إحنا سمعناه وبقوة"، وكانت هذه أول إشارة لنا أننا تعرضنا للقصف ولكننا لم نمت، بل نجونا ولا زلنا على قيد الحياة. ولكن، بعدها بثوان "شفنا حيطان البيت كلها بتنزل علينا، صرنا مدفونين بالحجارة، وكان السواد هو الشيء الوحيد إلي كنا شايفينه".

قبل القصف كنا جالسين جميعًا وسويًا: أنا وأمي وأخواتي وبناتي في غرفة واحدة، ووالدي كان جالسًا في الصالون لوحده، لكن بعد الانفجار لم نستطع رؤية بعضنا أو سماع بعضنا البعض. كانت أطرافنا وأجسادنا مدفونة بالكامل ولم يكن باستطاعة أحدنا مساعدة الآخر. 

في سيارة الإسعاف قال لي المسعف أن ابنتي استشهدت، ولكنني طلبت منه أن ينعشها وفعل، فنجت. كنا جميعًا بحاجة لأكسجين بسبب اختناقنا، وفي الإسعاف أنبوبتان فقط، آثرت لابنتي وأخي وظللت بدون أكسجين طول الطريق

بعدها بدقائق سمعنا ثلاثة صواريخ إضافية نزلت في نفس المكان الذي نحن فيه، وعلى إثرها نشب حريق كبير، بقينا لـ 25 دقيقة تحت الأنقاض، أجسادنا وأطرافنا كانت تحترق، سمعت أخواتي ينادين، وأنا "رجلي بتنحرق، ظهري بنحرق، جسمي كلو بنحرق، وإلي كان يختفي صوته منا بسبب الإغماء نقول عنه استشهد لحد ما وصل الدور لبناتي، بنتي الأولى لارا كانت بعيدة عني تنادي علي وتقلي أنا بنحرق يا ماما وأنا مش قادرة أساعدها لحد ما اختفى صوتها. في حضني كانت بنتي التانية، صارت تحكيلي ماما أنا رجلي بتنحرق، حطيت إيدي على رجلها عشان تنحرق إيدي وما تنحرق بنتي، وانحرقت إيدي بشكل كامل وظل نتفة شحم على أصابعي وأغمي على بنتي، وظليت أنا وأمي بس إلي سامعين بعض، لكن لما اختفى صوت بناتي، ومع النار إلي بتحرق فيّ أغمي عليّ، وضلت أمي.

أمي حرقتها النار مثلنا، وكانت مصابة، بس حسب ما وصفت إنها دفشت الصخر إلي كان فوقها وصار هناك فتحة قدرت تطلع منها للشارع، كان الشيء مثل المعجزة. كان في رجال في الشارع بعاد عن البرج، وخايفين يقربوا خوفًا أن يضرب صارخ جديد في ذات المكان، صارت أمي تعبي مي من بيوت الناس إلي هناك وترميها مكان ما كنا عشان تطفي النار، ونادت كل الناس عشان يساعدوها يطلعونا من المكان". 

جميع من كان في البرج استشهدوا، ومن بينهم والدي، من بقي حيًا أنا وأمي وأخواتي وبناتي فقط. في سيارة الإسعاف قال لي المسعف أن ابنتي استشهدت، ولكنني طلبت منه أن ينعشها وفعل، فنجت. كنا جميعًا بحاجة لأكسجين بسبب اختناقنا، وفي الإسعاف أنبوبتان فقط، آثرت لابنتي وأخي وظللت بدون أكسجين طول الطريق. فقدنا الأمل بالحياة، ولكن إذ قدر الله حياة لنا قبل استشهادنا فسنعيش