بنفسج

عيدي بانتظار حسن

الأحد 28 يونيو

لليالي العيد دوما طقوسها الخاصة التي يعيشها كلٌ منا بظروفه وشعوره بشكل خاص، ولكنها حتما تشترك لدينا جميعا بكونها ليلة "مختلفة". هذا العيد الثامن عشر خلال تسع سنوات من عمر ارتباطنا وخطوبتنا، لا أدرى!! ربما الكلمات لا تسعفني لوصف مشاعري حينما يأتينا العيد، تتداخل وتمتزج المشاعر في قلبي بين الشوق لحسن لأكون وإياه معًا، فلطالما كتبنا عن شوقنا لهذا اليوم ولطقوسنا فيه. وبين مشاعر الألم وقد أتانا عيد آخر ونحن في البعد، والنفوس تتوق ليوم اللقاء، وبين الشعور بالأمل الذي به نتقوى ونحيا. نرقب العيد القادم علنًا نجتمع سويًا ونكون معًا، هذه المشاعر التي تجتاحني أنا وحسن كل ليلة عيد، لكن تبقى كلماتنا الأخيرة أن للقاء موعد مقدر لا بد سيأتي يومًا ما، هذا الشعور وهذا اليقين يهوّن علينا، فنتصبر ونتعالى على كل آلامنا. نبث أشواقنا التي تلهب صدورنا تخفف علينا وجعنا، وندرك أن للحب عذاب نحياه اليوم ببعدنا سنعيش غدًا نعيمه باللقاء القريب بإذن الله.

ما بين ألم البعد والفراق الذي يجبرنا الاحتلال أن نعيشه، وبين أمل اللقاء القريب، مشاعر تتأجج داخلنا أنا وحسن كل ليلة عيد من الأعياد ال18 التي طويناها سوياً...
 
لتبقى كلماتنا الأخيرة أن للقاء موعد مقدر لا بد سيأتي يومًا ما، هذا الشعور وهذا اليقين يهوّن علينا، فنتصبر ونتعالى على كل آلامنا. فيكون العيد عندي، صوت حسن الذي يخترق قوانين سجنه ليسمعني قبل أي أحد:" كل عام وأنت بخير"!

العيد عند حسن لربما أصعب وأشد، فهذا العام ال٢٥ لحسن داخل السجن لا يعلم من تفاصيل العيد إلا اسمه؛ سنوات طويلة لم ينعم حسن بلمة العائلة ولم يسمع تكبيرات العيد، ولَم يشهد صلاة العيد في مسجده، تفاصيل صغيرة نعيشها في الحرية هي أمنية لدى حسن.

وأما العيد، عندي فهو صوت حسن الذي يخترق قوانين سجنه ليسمعني قبل أي أحد، كل عام وأنت بخير، فلا يزال صدى صوته الذي اخترق جدران زنزانته الانفرادية في عامنا الأول من خطوبتنا، أجمل هدايا العيد التي وصلتني؛ لا زلت أذكر يومها حينما رن جرس هاتفي، وإذا بصوت بعيد خافت بالكاد كنت أسمعه يقول لي، كل عام وأنتِ بخير، كررها مرات ثلاثة، ليتأكد أنها وصلت مسامعي، لكنها قبل أن تصل مسمعي، كانت قد وصلت لمسمع قلبي الذي ذاب شوقًا حينها وهو يتلهف لسماع صوت محبوبه، فأنا الخطيبة التي لا تعرف صوت خطيبها ذاك الوقت، فكان هذا الصدى البعيد هو عيدي.

وهو كذلك رسالة، قد تصلني منه، تحمل معها تهانيه وأمنياته وأحلامه، فرسائله التي كانت تصلني هي ميقات العيد عندي؛ رسالته التي كانت تستغرق وقتًا طويلًا حتى تصلني، وقد مضى العيد منذ وقت كنت اقرأها، فيأتي معها عيدي، كلماته التي يخطها هي الحياة التي أنتظرها بشوق وحب كبير. فنحن لا نكتب حروفًا، بقدر ما نكتب نبض قلوبنا وهمسات نفوسنا، كلماتنا هي الحياة لكلانا.

العيد عندي باختصار هو هلال وجه حسن، أراه ويراني ونلتقي، فيغدو البعد من الماضي، فننسى باللقاء كل أوجاعنا ونمضي مع أعيادنا القادمة التي بدأت مع أول يوم باللقاء. هذا عيدنا يوم أن تتلاقى العيون وتجتمع الاجساد بلا حواجز، فلا خوف حينها من وقت يداهم جلستنا، ولا صوت نخاف أن ينقطع عنا، لقاء دائم باْذن الله لا تعكر صفوه قيود محتل. عيدي هو يوم لقياك يا حسن، يوم يُكتب لهذا الحب بالنصر على المحتل، يوم نزف عروسين بعد سنوات من الانتظار، ما زادنا فيها البعد إلا حبا، عيدي هو أول يوم تعانق فيها حريتك، لا بعد بعد اليوم، إنما لقاء واجتماع.