بنفسج

تفشي "كورونا" وانحسارها: فلسطينية في كوريا تروي القصة

الثلاثاء 07 يوليو

في موسم احتفالات رأس السنة القمرية، والتي تُعد من أهم الأعياد في الصين وكوريا الجنوبية، شاء الله أن يظهر فايروس الكورونا، هذا الفايروس المرعب، ابتداءً من مدينة يوهان، لينتشر بسرعة البرق في كل أرجاء الصين، ومنها إلى كوريا وباقي دول العالم، فكانت لعنة لكل البشرية على هذا الكوكب.

استقبلت كوريا الجنوبية عاملها الجديد 2020 بكارثة هزت أرجاء الامبراطورية بعد أن كانت تعم احتفالات السنة القمرية أرجاء البلاد، والناس منشغلون بالاحتفالات والزيارات العائلية والتجمع مع الأصدقاء والمحبين، فوجئت بوجود إصابات بالفيروس اللعين بين أفرادها، وذلك لأن الحكومة لم تقم بإغلاق الحدود أو وضع الضوابط لدخول القادمين من الصين.

| الناقلة الخارقة

في البداية، كانت الإصابات قليلة ومتفرقة، وتم السيطرة عليها من قبل الحكومات بكل سهولة إلى أن ظهرت المصابة رقم واحد وثلاثين التي أطلق عليها الكوريون اسم الناقلة الخارقة، والتي كانت سببًا رئيسًا في بداية الكارثة الحقيقة والتزايد السريع للحالات المصابة.

 كانت هذة المرأة تنتمي لطائفة دينية شديدة السرية، تنتمي إلى كنيسة شينتشونجي التي تتفرع من كنيسة رئيسة في مدينة يوهان الصينية بؤرة المرض، عادت من الصين حاملة للفيروس، وقامت بنقلة للألوف من التابعين لهذه الطائفة.

في البداية، كانت الإصابات قليلة ومتفرقة، وتم السيطرة عليها من قبل الحكومات بكل سهولة إلى أن ظهرت المصابة رقم واحد وثلاثين التي أطلق عليها الكوريون اسم الناقلة الخارقة، والتي كانت سببًا رئيسًا في بداية الكارثة الحقيقة والتزايد السريع للحالات المصابة.

 كانت هذة المرأة تنتمي لطائفة دينية شديدة السرية، تنتمي إلى كنيسة شينتشونجي التي تتفرع من كنيسة رئيسة في مدينة يوهان الصينية بؤرة المرض، عادت من الصين حاملة للفيروس، وقامت بنقلة للألوف من التابعين لهذه الطائفة طقوس هذة الطائفة الغريبة في العبادات، كالسجود على الأرض، وإلقاء التحية على بعضهم، بضمهم لبعضهم البعض، ساعد على انتقال الفايروس لأعداد كبيرة منهم، وتكتمهم الشديد عن أفراد هذة الطائفة للحكومة الكورية عرقل سهولة السيطرة على انتقال الفيروس.

تم تعطيل المدارس والجامعات ومنع التجمعات بكافة أشكالها، تملكني كما غيري من الكثير من الأمهات الخوف والقلق والاكتئاب لأننا أسرى داخل بيوتنا، نترقب عبر الشبكة العنكبوتية، وأخبار التلفاز، أعداد المصابين والمتوفيين من ضحايا هذا المرض، والمدن التي يغزوها واحدة تلو الأخرى، ليوقفها عن الحياة، وكأنها مدن أشباح. يا لها من أيام عصيبة قامت بإرجاعي إلى أيام الانتفاضة الثانية في فلسطين انتفاضة القدس عام 2001 عندما كنا نلتزم بيوتنا مترقبين أعداد الشهداء والمصابين والمدن التي يقوم باجتياحها الاحتلال.

لا أنكر الوسواس الذي أصابنا كأمهات خوفا من انتقال العدوى لبيوتنا وأطفالنا، أصبحت علب التعقيم مرافقتنا في كل مكان بالبيت والسيارة وحقيبة اليد، حتى وصل الأمر بطفلتي ذات الثلاث سنوات التي تطلب من والدها تعقيم يديه فور وصوله إلى المنزل.

تملكتني نفس المشاعر من خوف وقلق وترقب للمستقبل بانتهاء هذا الكابوس، لكن عزائي الوحيد إيماني الشديد بأن كوريا الجنوبية التي نهضت من تحت الركام، وأصبحت تعد من الدول العظمى والقوية بقطاعاتها الاقتصادية والتكنولوجية والتعليمية سوف تتجاوز هذة المحنة أيضا بوقت قياسي، وكلنا نلاحظ تدني مستوى الوفيات مقارنة بدول العالم الأخرى التي تعد أكثر تقدما من كوريا الجنوبية.

كان لابد لي كما غيري من الأمهات الحبيسات مع أطفالهن أن أجد حلولًا بديلة عن المدارس، وأقوم بإشغال أطفالي بأمور بعيدة عن الأجهزة الالكترونية التي يدمن عليها الأطفال، توجهت إلى أٌقرب مكتبة بجانب بيتي وابتعت الكثير من القصص والألوان بكافة أشكالها وأنواعها والكثير من المستلزمات اللازمة لتفريغ طاقاتهم. كما ابتعت قطع القماش وأدوات الخياطة والتطريز وألعاب الذكاء.

وضعت برنامجًا يوميًا لحفظ القران ومراجعة بعض الدروس، والأهم من ذلك جعلتهم يشاركوني بكل أعمال المنزل والطبخ والحلويات. أما من ناحية التعقيم، لا أنكر الوسواس الذي أصابنا كأمهات خوفا من انتقال العدوى لبيوتنا وأطفالنا، أصبحت علب التعقيم مرافقتنا في كل مكان بالبيت والسيارة وحقيبة اليد، حتى وصل الأمر بطفلتي ذات الثلاث سنوات التي تطلب من والدها تعقيم يديه فور وصوله إلى المنزل. 

كانت هي وأختها صبح كل يوم تمسك المحارم المبللة من نوع كلوركس، وتقول: "سوف أمسح غرفتي وألعابي من الكورونا". ولا أنسى الماسكات/الكمامات التي أصبحت بالنسبة لنا أهم من المعاطف في هذا الشتاء البارد! لا أنكر أن الحياة انقلبت رأسا على عقب وأصبحنا رهناء الانتظار!

كوريا1.jpg

 ورغم أن كوريا الجنوبية هي رقم اثنان بعد الصين في أعداد المصابين، إلا أنها كما كل مرة تثبت لنا كوريا الجنوبية في كيفية إدارة هذه الأزمة بطريقة فريدة وفعّالة. ويعزى هذا النجاح حسب وجهة نظري إلى اجتماع عدة عوامل غاية في الأهمية منها:

| الجهوزية النفسية والعملية: كان لدى الحكومة الكورية، والمجتمع الكوري جهوزية وتوقع وصول هذا المرض بسبب وجود فرق زمني ما بين ظهور المرض في مدينة يوهان الصينية وانتقاله إلى داخل كوريا، مما سمح للكوريين بتجهيز أنفسهم والاستعداد المبدئي بالأدوات والوسائل اللازمة لمواجهة هذه الأزمة.

| ثقافة الجماعة: والتي شكلت عاملًا مساعدًا قويًا حيث أن روح الجماعة تسيطر على ثقافة الكوريين مقابل الفردية، حيث أن كل فرد لديه الجهوزية الكاملة للالتزام بالتعليمات الصادرة عن الجهات الحكومية أو المؤسسات العاملة على الأرض أو حتى الطبقة المتعلمة، وكبار السن مما ساعد ويساعد على الحد من انتشار المرض وإظهار أي حالة محتملة لحجرها ومراقبتها وعلاجها بشكل مباشر.

| المصداقية الكاملة: توفر قدر جيد من المصداقية ما بين الحكومة والشعب في عملية تبادل المعلومات والتطورات من خلال الإعلام أو من خلال التقارير الداخلية للمؤسسات الحكومية والأهلية. وتزويد المواطنين بكل ما هو جديد عبر مسجات الموبايل.

| الطواقم الطبية: الانتشار الواسع لطواقم التعقيم والطواقم الطبية في كافة الأماكن تقريبًا مما يشعر المواطن بالأمان والجهوزية، وذلك بدوره عامل مساعد لامتصاص الخوف والرعب الذي من الممكن حدوثه في مثل هكذا أزمات.

| دعم الشركات الكبيرة: وجود امبراطوريات اقتصادية مثل سامسونج وهيونداي وكيا موتورز، وغيرها من الشركات العملاقة التي أبدت استعدادها لدعم الحكومة في عملية ضبط ومساعدة الأسواق والقطاعات المتضررة من توقف بعض مناحي الحياة للحيلولة دون انتشار الفايرس والسيطرة عليه. ومع كل هذا، ما زالت حتى هذه اللحظة الإصابات تتزايد بالمئات، وانتشر الوباء بكل دول العالم وما زالت حقيقة أصل هذا الفيروس مجهولة.