بنفسج

لحلوى بهية مختالة... "ريفا" مقام يُؤَم إليه

الخميس 01 ابريل

لا شيء يضاهي رائحة الفانيلا المنبعثة من المخبوزات الساخنة الشهية، فماذا لو كانت قطعة من الحلوى الطرية، تفوح منها رائحة شتوية دافئة كالقرفة، تذوب فيها قطرات الحليب المكثف، أو ربما الشوكلا البيضاء الغنية، تجتاز طبقاتها من السطح، فتزينة، إلى العمق فتتمازج معه، تأخذ قطعة منها، بصحبة اللاتيه، رفيقان رائعان لذواقي الأطباق الحلوة.

ولمقام كيكة جلي الفراولة، حديث آخر، يطيب بطريقة تقديم مبدعة متألقة، بهية مختالة، بلون الرد فيفلت الصاخب، ربما تتناولها الجميلات مع صديقاتهن بصحبة الشاي اللذيذ، لضيافة ملوكية! وإن قلت فماذا أقول عن حلا التوكس، التي أفضل الخلوة بها، والاستمتاع بشكلها قبل تناولها، متماوجة الألوان، متراتبة الطبقات، البسكويت، والشُكلا البنية والكريم كارميل، يااااه، لا تفرط بأكلها من وراء الزجاج إن ناظتها!

| حلوى بطعم الحب

1q.png

ولا أستلذ بطعم، كطعم الكيكة الروسية بالعسل، لها من طعهما شيء على الشفتين تبقى لثوانٍ تُذهبك في حلم جميل، أحبها مع القهوة السوداء، تردك إلى وعيك، وتجعلك تعيد متعة اللقمة الثانية. ولمحبي الأطباق الصباحية الحلوة، ريفا، مقام يُؤم إليه، دوائر البان كيك الطرية، ذات الرائحة الجميلة، يراق عليها عسل صاف، أو شُكلا سائلة، تُزين بالتوت الأسود أو الفراولة الطازجة! أو ربما كروسان مقرمش لذيذ، أو قطعة سنابون شهية، بصحبة قهوة اللاتيه برغوتها الغنية!

كما يمتاز مخبز ريفا، بخبز الباباورتي، وهو خبز مكسيكي بطعم القهوة واللوتس أو النوتيلا، فطور رائع فخم لمحبي الحلويات. وإن كنت داعية صديقاتي، فسأدعوهن على بسبوسة النكهات، أو كب كيك الفراولة، أو الكوكيز السوداء، وربما كيكة البرتقال الهشة. وماذا عن تشيز كيك الكنافة بالكراميل، طبق جديد، لمواد غنية، أصيلة، طازجة، معدة بتأنٍ وإتقان فائقين!

الكثير منا يقضي وقتًا لا بأس به على مواقع التواصل الاجتماعي دون فائدة تُذكر، فهو يعلق لهذا، ويعجب بمنشور ذاك، وربما يشارك جملة أعجبته أو اقتباسًا لامسه، أو بيت شعر نال رضاه. لكن الأمر لم يكن كله كذلك بالنسبة لريفا؛ إذ وجدت في مواقع التواصل الاجتماعي كنزًا مكّنها من إقامة مشروعها الخاص وهي في بيتها، دون الحاجة لترك طفلتها وقضاء ساعات بعيدة عن منزلها، ومواجهة معاناة المواصلات، كما لو كانت في وظيفيةٍ تقليديةٍ مثلًا.

فمن فتاة فشلت في صنع كعكة عادية في أول محاولة لها، إلى صانعة حلويات تُعد بأناملها الذهبية أشهى أنواع الحلويات، بدءًا من طبقها الشهير تشيز كيك الكنافة، مرورًا بلاتيه القهوة، ونهاية بالكوكيز اللذيذ. ومن هنا بدأت حديثًا لطيفًا عن مشوارها في هذا العالم.

| قمة بعد اجتهاد بالتدريب الذاتي

3q.png

تسرد ريفا لبنفسج أولى خطواتها في هذا المجال الذي غدى مصدر رزق لها فتقول: "بدايتي كانت قبل ثمان سنوات، أي عندما كنت طالبة في سنتي الجامعية الأولى، وقتذاك، لم أسجل بالفصل الجامعي الصيفي، وكنت في وقت فراغي أتصفح وصفات الحلويات على الإنترنت، كنوعٍ من التسلية، حتى قمت مرة بتجربة صنع لكيكة، وللأسف احترقت وكانت تجربة فاشلة.

أحست بعدها ريفا بنوعٍ من الفضول تجاه إعداد الأطباق وبدأت تتعمق في تفاصيلها أكثر، وتشاهد فيديوهات إعداد حلويات كثيرة، وتجرب مرارًا، وتضيف في بعض الأحيان لمساتها الخاصة، حتى توالت السنين، ووصلت إلى ما هي عليه اليوم، على الرغم من أنها ما زالت تعتبر نفسها في البداية فقط، وأمامها مشوار طويل حتى تغدو من معدي أطباق الحلويات المعروفين على حد تعبيرها.

تروي ريفا أن بداياتها كانت عبر مشاهدة كيفية إعداد الحلويات من صانعيها عبر الشبكة العنكبوتية، فهل قامت بعد ذلك بأخذ أي دورات وتدريبات في هذا المجال، تجيب: "كلا، فأنا لم أخضع إطلاقا لأي تدريب، ولم أسجل في أي دورة، جل ما اكتسبته كان جهدًا وتطويرًا ذاتيًا تخلله الكثير من التجارب. وهي غير مقتصرة على تجاربي الشخصية، بل أيضًا وصفات معدي حلويات عالميين إضافة إلى وصفات أمي التي لا غنى عنها، فما زلت أذكر كعكة البرتقال الشهية التي أجزم أن كلنا نعلم مذاقها جيدًا، أمي هي من علمتني صنعها ومقاديرها".

وعن نوعية وتكلفة المواد الأولية المستخدمة في وصفاتها، تتابع ضيفتنا الحديث لبنفسج: "تختلف تكلفة المواد المستخدمة في صناعة الحلويات؛ فهنالك مواد عالية التكلفة، ومواد أقل كلفة، وتبعًا للحالة الاقتصادية السائدة، ولأنني لا أريد أن تكون التكلفة عالية على المستهلك مع مراعاة عدم استخدام مواد قليلة الجودة.

وعن الصنف الأكثر رواجًا لديها تقول ريفا أن تشيز كيك الكنافة بالكراميل هو من أكثر الأصناف المعروفة والمطلوب، فبالرغم من مرور عام كامل على تسويقه، ودخول أصناف حلويات جديدة، إلا أن الطلب عليه ما زال كبيرًا. ويعود السبب في ذلك إلى مذاقه الحلو الخفيف وقوامه الهش.

تذكر رفيا دعم والدها في تمويل مشروعها في بداياته "الحقيقة أن والدي هو من دعمني وقدم لي المساعدة في بداية المشروع حتى أصبح قادرًا على تمويل ذاته، دون الحاجة إلى مال إضافي بعدما كنت أسخر هامش الربح من أجل شراء ما يلزم من مكونات.

ص2 (1).png

وعن نوعية وتكلفة المواد الأولية المستخدمة في وصفاتها، تتابع ضيفتنا الحديث لبنفسج: "تختلف تكلفة المواد المستخدمة في صناعة الحلويات، فهنالك مواد عالية التكلفة، ومواد أقل كلفة، وتبعًا للحالة الاقتصادية السائدة، ولأنني لا أريد أن تكون التكلفة عالية على المستهلك مع مراعاة عدم استخدام مواد قليلة الجودة، فإن المواد التي استخدمها تتراوح بين التكلفة المتوسطة والعالية.

وتشير إلى أنها تحاول قدر الإمكان خلق توازن بين أن تكون الأسعار معقولة وفي متناول الجميع، وأن تكون المواد المستخدمة أيضًا ذات جودة عالية. وعندما سألتها عن العاملين في هذا المشروع، وما إن كانت هناك معايير لاختيارهم، فأجابت: "الذين يعملون في هذا المشروع هم من عائلتي وعائلة زوجي، وذلك بسبب سهولة تواجدهم دائمًا، خصوصًا في ظل جائحة كورونا، ولمرونتهم في الوقت، حيث نضطر أحيانا إلى العمل لساعات متأخرة في إعداد الطلبيات".

| انتقاد يدفع للنجاح

2q.png

وتستفيض في الحديث أكثر عن دعم عائلتها لها فتقول: "لولا دعمهم لم أكن لأصل إلى هذه النقطة، أتلقى دعمًا كاملًا وكبيرًا من زوجي الداعم الدائم، بالإضافة إلى عائلتي وعائلة زوجي". كثير منكم سيتسائل كيف تجد ريفا توازن بين ضغط عملها في إعداد الطلبيات، وبين مسؤولياتها كربة منزل وأم، وبين وقتا خاصًا تمنحه لذاتها تمارس فيه ما يحلو لها، ليأتي التفسير منها بأن "جوهر الموضوع يكمن في المرونة، فأنا مثلًا ليست لدي مواعيد ثابتة لإعداد الطلبيات، أو أن يكون هناك وقت مخصص للقيام بالواجبات المنزلية، بل أعمد إلى إنجاز مهامي وفقًا للضرورة، وأقوم بترتيب الأولويات على المدى القصير، ما يهم في النهاية، بالنسبة لي إنجاز كل الأعمال في نهاية اليوم.

وبين مسابقة صغيرة كانت جائزتها كعكة لذيذة من نصيب من تشارك حساب ريفا مع صديقاتها، إلى وصفة كيك كانت قد أعدتها ريفا مع متابعاتها، عادت إليها بمتابعات جدد يتشاركن حب تجربة وتعلم الوصفات اللذيذة، تحدثنا ريفا عن مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعتبرها أساسًا في نجاح مشروعها، من تسويق لمنتجاتها عبرها، إلى سهولة التواصل مع الزبائن.

أكل ريفا.jpg

تروي ريفا أن الصعوبة لم تكمن في تسويق منتجات مشروعها، "بل واجهت صعوبة أكثر في البداية بالتعامل مع الانتقاد اللاذع في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي أشعرني بمرحلة من المراحل باليأس، وغدوت أشكك في نفسي وقدرتي على النجاح، لكن مع الاستمرار، ومضي القليل من الوقت، وجدت نفسي أعتاد على مثل هذا النوع من الانتقاد، وأصبحت أقدر على التعامل معه بهدوء، دون أن يؤثر على طاقتي وإنجازي".

سألناها عن سبب نجاح مشروعها في وقت قصير وقدرته على إثبات نفسه، وإيجاد مكانة له في السوق الفلسطيني؟ تقول: "برأيي القدرة على كسب ثقة الزبون هي التي صنعت فرقًا، قدرتي في التواصل السلس مع المتابعين، تبعها جودة المنتجات العالية، ساهمت في تقدم ونجاح هذا المشروع في وقت قصير، فأنا أقوم بالعمل بحب وشغف".

"أشجع كل امرأة في تأسيس مشروعها الخاص وفقًا للمجال الذي تحبه وتجد نفسها به. ونصيحتي لكل مبتدئة في أي مشروع أن تتحلى بالصبر، ولا تجعلي اليأس يتسلل إلى قلبك بسهولة، فالبدايات ليست سهلة دائمًا.

وفيما إذا كانت تحلم وتخطط بإنشاء هذا المشروع منذ صغرها أم أن الصدفة لعبت دورًا في رسم حياتها كما هي عليها الآن، تجيب ريفا: "لا أخفيكِ بأنني لم أكن أخطط أو أحلم أبدًا أن أكون في موضعي هذا، ولكن خيوط القدر هي من لعبت وقادتني لهذا المكان، فوجدت شغفي وحبي فيه".

ومن خلال بنفسج، تدعو ريفا كل امرأة تحلم بإنشاء مشروعها الخاص أن تعمل بجد له، ولا تدع لليأس بابًا يتسلل إلى قلبها، قائلة: "أشجع كل امرأة في تأسيس مشروعها الخاص وفقًا للمجال الذي تحبه وتجد نفسها به. ونصيحتي لكل مبتدئة في أي مشروع أن تتحلى بالصبر، ولا تجعلي اليأس يتسلل إلى قلبك بسهولة، فالبدايات ليست سهلة دائمًا، وربما ستجدين من ينتقدك أو يقلل من قيمة ما تفعلينه، لا تلقِ لهم بالًا بل استمري في تطوير ذاتك والتعلم".

تنهي ريفا بابتسامة حوارها مع بنفسج بحلم لطالما راود طيفه خاطرها بامتلاك متجر حلويات بجلسات جميلة وموسيقى هادئة، يكون وجهة من يريد قضاء وقت جميل ومريح مستمتعًا بألذ أطباق الحلويات.