تعتبر الأمهات غرف أطفالهم ثقوبًا سوداء تمتلئ بالأشياء غير محدودة وغير معروفة، مما يشكل عبئًا كبيرًا عليهن في معرفة ما يمتلكه أطفالهن وما يحبونه، وعلاوة عليه، فإن عملية تنظيف الغرفة وترتيبها عملية شاقة جدًا إن لم تكن مستحيلة. لذلك، في هذا المقال، سوف أقدم لكِ عزيزتي الأم بعض الخطوات التي تساعدك في الحفاظ على غرفة أطفالك نظيفة أطول فترة ممكنة، وبعض الأفكار التي ينصح بها خبراء التنظيم من أجل دعم أطفالك وتعليمهم سمة التنظيم منذ الصغر، فتكون عملية ترتيب غرفتهم نشاطًا روتينيًا طبيعيًا يفعلونه بأنفسهم وليس حربًا يومية تخوضوها سويًا بين الطلب من طرفك والرفض من طرفهم.
| الفرز
كلمة السر في أي مكان مرتب ومنظم هي فرز الأشياء؛ الملابس والكتب والألعاب، كل تلك العناصر لا بد من فرزها أولًا بأول، والتخلص من كل ما هو زائد عن الحاجة وكل ما هو تالف، وكل ما لا يحبه أطفالك، ستجدين أن الأشياء تقلصت بنسبة كبيرة، وأصبح لديك متسع أكبر للتخزين والترتيب.
| القواعد
ضعي قواعدك الخاصة في المكان الذي يتواجدون فيه، لكن لا تنسي احترام رغبتهم في مكان مريح للعب يمارسون فيه الفوضى بحرية، فالفوضى جزء مهم من نموهم العقلي، ولكن كما قلنا بقواعدك أنتِ. يمكنك أيضًا وضع قواعد خاصة بكِ لتنفذيها بنفسك عند الترتيب لتحافظ على المكان منظما قدر الإمكان. إذًا، ما الذي سيجعل الطفل متحمسًا لتنظيم بيئته الخاصة وحريصًا على بقائها مرتبة مستقرة؟
بالضبط، الخصوصية والانتماء هما المحركان الأساسيان للأطفال في فترات الطفولة والطفولة المبكرة، لذلك بلمسات بسيطة يمكننا تنمية هذه الدوافع للوصول لمرادنا. مبدئيًا، علينا إضافة بعض المرح لغرف الصغار، من الجيد عند تصميم الغرفة إشراك الأطفال في اختيار الألوان وقطع الأثاث والديكورات التي يرغبون في إضافتها لغرفتهم. كي نكون عمليين، يمكنك إضافة بعض القطع صغيرة الحجم وسهلة التغيير كي تستبدليها بسهولة في المستقبل مع اختلاف ميول أطفالك؛ كالشماعات والسجاد وكرسي القراءة أو كرسي المكتب وساعة الحائط، وهكذا.
| هل يحب طفلك الرسم؟
ما رأيك إذا بتخصيص مساحة صغيرة من الحائط لتعليق تلك الرسومات؟ أو دهان جزء من الحائط كسبورة وتكون مساحة خاصة بهوايته المفضلة؟ إذا كان صغيرك محبًا للقراءة، فيمكنك توفير كرسي له؛ جلسة مريحة أرضية مع بعض الوسائد ومجموعة من الرفوف ليضع عليها كتبه المفضلة وتكون ركن القراءة الخاص به. ربما سيكون من اللطيف إضافة أسمائهم بشكل مبهج أو شهادات التقدير الخاصة بهم، وربما الكؤوس التي حصدوها في المباريات الرياضية لتأكيد سمة الخصوصية بداخلهم تجاه غرفتهم.
وهناك فكرة أخرى يحبها الصغار كثيرًا وهي الخيمة، يحب الأطفال أدوار المغامرة والتخييم، والخيمة أداة جميلة لاحتواء الصغار وأفكارهم. الشخصية المفضلة لطفلك يمكنها الحضور وبقوة في الغرفة، ولكن كما ذكرنا سابقًا في عناصر يمكن تغييرها بسهولة، كملصق على الحائط أو غطاء السرير والملاءات وهكذا.
| الألوان
بالتأكيد، طلاء الغرفة جزء لا يتجزأ من تأسيسها، بل ومن الديكور الخاص بها، ولكن قد يكون عليك الالتفات لبعض النقاط المهمة عند الطلاء. من الأفضل طلاء الغرفة بلون محايد كالأبيض والرمادي الفاتح وغيرها. أن يكون الطلاء قابلًا للغسل والتنظيف. الأهم أن تراعي ميول أطفالك وتفضيلاتهم، فالبنات عادة يملن للون الوردي، والأولاد يملون للأزرق، وإن كان صغارك فتية وفتيات في غرفة واحدة، فيمكنك الاستفادة من الألوان المشتركة كالبرتقالي والأصفر والأخضر والأرجواني.
من المهم أيضًا أن يتناسب هذا اللون الذي تختارونه مع نمط الغرفة الأساسي، فلو كان بحريًا، فستستعيني بدرجات الأزرق، وإن كان غابة فسيكون الأخضر، وإن كان من عصر الديناصورات، فربما البني والأصفر وهكذا. لمسات الألوان هذه التي تحددينها مع أطفالك تكسبها أبعادًا أخرى من البهجة والتشجيع.
| الإضاءة
من المفيد للأطفال، ولزيادة نشاطهم تعرضهم وتعاملهم مع ضوء الشمس مباشرة، لذلك، فالنافذة المفتوحة نهارًا ستمدهم بالنشاط اللازم عند اللعب أو ممارسة هواياتهم. التنوع في الإضاءة أيضًا هام جدًا، ويمكنك توفير نوعين أو أكثر من الإضاءة الصناعية لأطفالك. الإضاءة التوجيهية والتي نحتاجها في بعض الأوقات كأوقات الاسترخاء والاستعداد للنوم، وتكون الإضاءة الصفراء هي المثالية في تلك الأوقات، أيضًا الإضاءة العادية مطلوبة من أجل أوقات النشاط واللعب لتمكنهم من الرؤية الواضحة والتركيز.
تجنبي تمامًا الشموع في إضاءة غرف أطفالك، وللحصول على نفس التأثير يمكنك الاستعانة بفروع اللمبات الصغيرة التي تُعلق بجوار الأسِرة لتوفير الهدوء اللازم، ومن الأفضل عدم وضع الأباجورة الرأسية في غرفة طفلك كي لا تكون عائقًا له أثناء الحركة أو تتسبب في إصابته. سيكون من اللطيف أن يختار طفلك بنفسه وحدات الإنارة لتكون عنصرًا جاذبًا له داخل الغرفة.
| ترتيب الملابس
عند ترتيب الملابس، وبعد فرزها، من المهم وضع الملابس في رفوف مناسب أطوال أطفالك ف ملابس الطفل الصغير في الرف السفلي، وملابس الطفل الكبير في الرف العلوي. يمكنك طي الملابس بطرق كثيرة تسهل عليكِ ترتيبها، أكثر هذه الطرق شيوعًا هي طريقة ماري كوندو، وأنا شخصيًا ابتكرت لأطفالي طريقة وأسميتها الأشقاء، أضع كل سروال مطويًا داخل كنزته المطوية، فيسهل علينا إيجاد القطع دون البحث عنها. ملابس الخروج، يفضل تعليقها على شماعات لسببين، توفير المساحة والوقت المستهلك في الطي، والأمر الآخر أن الموضوع يساعدك أنت وأطفالك على اختيار الملابس بسهولة، حيث يكفي نظرة واحدة للشماعة في تحديد القطع المطلوبة واستخراجها.
يمكنك أيضًا، وضع سلة صغيرة في قاع الخزانة تجمعين فيها مُكملات الملابس، كالقبعات الصيفية والجوارب والأمشاط والعطور، وفي الشتاء تستخدمينها تخزين القفازات والكوفيات وهكذا، هذه الطريقة ستجعل ترتيب الخزانة أمرًا غاية في السهولة، لأن لكل شيء مكانه الخاص المعروف مسبقًا. لا تنسي أن تخبري أطفالك بأن للملابس مكانين فقط، إما في الخزانة وإما سلة الغسيل، لا مكان للملابس إذا على السرير ولا على المكتب أو على الأرض.
من الجيد أن تعلمي بأن الصغار يحبون الاستقلال، لذلك، فأثاث الغرفة مهم من أن يلائم أجسامهم الصغيرة، هذا الأمر من شأنه يجعل الترتيب كاللعب بالنسبة إليهم. سيكون من المهم أن تختاري أثاثًا مناسبًا لاستخدامهم، وأن يكون آمنًا، فتجنبي مثلًا الوحدات ذات الحواف المدببة بشدة، أو ذات الحلي المعدني المعقد.
ليس شرطًا أن تضعي ملابسهم في خزانات ذات أبواب ورفوف في مرحلة مبكرة من حياتهم، بل يمكنك الاستعانة بوحدات تخزين مجوفة، هذه الوحدات مثالية في استغلال المساحات، ومن الممكن أن تصبح خزانة ملابس وكتب وألعاب وأغراض التمرين في نفس الوقت، فهي مرنة، ومناسبة لأطوال الصغار الذين صعب عليه الوصول للرفوف المرتفعة في الخزانات.
وحدات الأدراج المنفصلة والأدراج المُدمجة في سلالم الأسرة تعتبر وحدات تخزين مثالية ومحفزة للأطفال على التنظيم والترتيب. كذلك شماعات الملابس، كلما كانت أقرب لهم كان ذلك أسهل لهم لتعليق ملابسهم بسهولة معتمدين على أنفسهم. الكثير من مُصنعي الأثاث هذه الأيام يعمدون لصناعة قطع، يمكنها التغير في المقاس والاستخدام حسب احتياجات الطفل وسنه وطوله، فبسهولة، يمكنك الاستعانة بمثلها.
| الكتب
نقتني لأطفالنا أنواعًا مختلفة من الكتب والقصص، مما يجعل لدينا مخزونًا ورقيًا ضخمًا يصعب التعامل معه. لذلك، فاختيار أطفالك لكتبهم هو أمر مهم، خصصي لهم جزءًا على رف القراءة والباقي ضعيه في الخزانة، إذا طلبوا تغيير الكتب، افتحي الخزانة واستخرجي منها بعض الكتب، وأعيدي إليها الكتب التي كانت على الرف مسبقًا وهكذا.
قد تحبين تخزين الكتب في خزانة مفتوحة تظل أمام أطفالك طوال الوقت، ولكن لولديك أطفال صغار يصعب السيطرة عليهم، فيمكنك رفعها في خزانة مغلقة تتحكمين أنتِ في دخول وخروج الكتب منها وإليها. للكتب والأوراق تعليمات استخدام لا تقل أهمية عن تعليمات الملابس، لأن الكتب حساسة أكتر تجاه الاستخدام وتتعرض للتلف بسهولة، فللكتب مكان مخصص للقراءة – حدديه مع صغارك مسبقًا - وبعد الانتهاء من قراءتها، فلا بد من إعادتها مكانها كي لا تتعرض للضياع أو التخريب.
| المكتب
لمكتب المذاكرة أهمية كبيرة للأطفال الصغار، لذلك فبقاؤه منظمًا ومريحًا عامل مهم في تركيز الأطفال وإنتاجيتهم. من المهم توفير سلة قمامة صغيرة بجوار المكتب، ستوفر عليكِ وعلى طفلك الكثير من الفوضى وأكوام الأوراق المقطوعة، وتجنبنا الشكل الهرمي للكتب وغير المرغوب فيه. أما للمواد الدراسية، فسيكون لطيفًا لو خصصتِ لكل مادة ملف بلون معين كالأحمر والأصفر والأخضر، وهكذا، وداخل كل ملف يجمع الطفل متعلقات مادة معينة، لنقل مثلًا نخصص للرياضيات ملفًا أصفر، ونضع فيه كل أوراق الشرح وأوراق الاختبارات، وهكذا.
ترتيب المكتب يعني جعل المكتب فارغًا وجاهزًا لوضع الكتب على سطحه في أي وقت، لذا من المهم أن يتوفر للطفل بعض الرفوف والأدراج التي تمكنه من ترتيب أدواته، ولا تنسي أن تجعله يختار بنفسه السلال ووحدات التنظيم الداخلية لهذه الأدراج، فاختياره الخاص سيحفزه أن تكون المحافظة على أشيائه مهمته المفضلة.
يفضل أن يكون المكتب في مواجهة الغرفة وليس مقابلًا للحائط، ولكن لو تعذر الأمر فإن الحائط قد يكون مساحة مناسبة لبعض عناصر المرح، كصور للطفل مثلًا، وربما رسمة أو اثنين من رسماته أو صورة لبطله الرياضي المفضل وهكذا، أن يجد جزءًا منه ويعبر عن أفكاره أمامه على الحائط من شأنه رفع معنوياته كثيرًا.
دعينا لا ننسى حقيبة المدرسة، فهي فعليًا صديقة مكتب الدراسة، الأمر بسيط جدًا، من المهم أن تخصصي لها مكانًا محددًا في غرفة الطفل، وليكن مثلًا بجوار المكتب مباشرة، وترتيبها أمر غير معقد على الإطلاق، نحن نضع الكتب الكبيرة في الخلف والدفاتر القصيرة في الأمام، ونضع علبة الطعام وزجاجة المياه في جيب منفصل بعيدًا حتى لا تُفسِد الأوراق.
وهكذا تكون الحقيبة مرتبة وإفراغها في نهاية اليوم سهلًا، فقط نُخرج العلبة من مكانها يتبقى لدينا الكتب التي نعرف مسبقًا مكانها وترتيبها. من أجل دعم أطفالك وزيادة ثقتهم بأنفسهم واعتمادهم على أنفسهم في تذكر مهامهم الدراسية، يمكنك الاستعانة بسبورة دبابيس متوفرة في كل المكتبات وتستعمل في المدارس ستجدينها بسهولة، فقط تحتاج لبعض الدبابيس، ويمكنك أن تثبتي عليها جداول الدراسة والتمارين ومواعيد الاختبارات والنتيجة السنوية وكل ما يتعلق بهم.
| الألعاب
وأنا أسميها اللعنة الكبرى -أمزح طبعا- على الرغم من أهميتها الكبرى للأطفال، إلا أنها تكون منتشرة في كل مكان طوال الوقت، سيارات هنا ودمى هناك، وقطع الليجو ومكعبات البناء، كل ذلك يجعل المنزل في حالة فوضى دائمة، وخصوصًا إن كانت ألعاب محطمة أو بقايا ألعاب فالأمر يكون كارثة محققة.
كما ذكرنا في البداية، عليكِ بالفرز تخلصي من المكسور، وغير المرغوب فيه، وما صغر على الأطفال ولم يعودوا يرغبون به، ومن ثم سيتبقى لديك مجموعة الألعاب المفضلة لديهم، في الغالب، سيكونون قسمين؛ قسم الألعاب اليومية التي تتواجد دائمًا في صناديق على الأرض، وبعض الألعاب الأخرى، والتي تعتبر ثمينة نوعًا ما ويمكنك رفعها على رفوف أعلى، بحيث تكون في مستوى النظر، ولكن ليست على الأرض فتتعرض للكسر بسهولة، يمكنك التفاوض مع الأطفال على طريقة اللعب بها وإعادتها لأماكنها من أجل الحفاظ عليها.
أما بخصوص الألعاب المتاحة للعب في كل وقت، فيمكنك تصنيفها أو تقسيمها على أكثر من صندوق، ويمكنهم اللعب بصندوق واحد فقط، بالتبادل، وبعد الانتهاء نتفق على تجميعها، وإن كانوا بحاجة لمساعدتك في التجميع لا تترددي في ذلك، هذا الأمر يشجعهم كثيرًا على التعلم وإتقان الترتيب. ومن أجل راحتك حددي أماكن مخصصة للعب غرفة واحدة، إما غرفتهم أو غرفة المعيشة أو الصالة، مكان يحبونه تتفقون عليه ويكون هو مقرهم مع ألعابهم.
الآن، أنا انتهيت من سرد بعض الأفكار التي توصلت إليها من خلال التجربة، وقد تشعر بعض الأمهات أن الأمر مبالغ فيه قليلًا وصعب التنفيذ، ولكن وضع روتينًا يوميًا للأولاد يساعدهم على التعود، بل وإتقان عملية التنظيم، هل سيأخذ وقتًا؟ نعم بالتأكيد، فالطفل لا يولد مستعدًا للمشي ولا للأكل ولا الكلام، بل يأتي الأمر بتدريبه مرارًا وتكرارًا.
كذلك الترتيب، يحتاج بعض الصبر والممارسة من أجل التعود وبعض المحفزات من أجل الاستمرار يمكنك صنع الجداول أو تحميلها من الإنترنت لتساعدك على تدريبهم على هذا الأمر. وقد يصبح المنزل فوضويًا في بعض الأحيان، وهذا أمر طبيعي، فنحن وأولادنا لسنا آلات، إنما بشر نتفاعل ونتعامل مع البيئة المحيطة، ويظهر آثار هذا التفاعل علينا وعليها، ونحاول بقدر الإمكان المحافظة على هذه البيئة لجعل حياتنا أكثر استقرارًا وراحة.
