بنفسج

لماذا تنطفئ الروح؟

الأربعاء 10 يونيو

أسباب انطفاء الروح
أسباب انطفاء الروح

كانت في بداية الثلاثينيات، لكنها تبدو في آواخر الأربعينات، لم أتعرف إلى ملامحها، خانتي ذاكرتي، بدت وكأنها شخص آخر، لم أتوقع للحظة أنها هي، مضيت في طريقي لأتفاجأ بصوت ينادني: ألم تعرفيني؟! فجاء في ذهني سؤال "ما هي أسباب انطفاء الروح؟ هل حقًا هي نفسها من أعرفها؟

نبرة الصوت أسعفتني نوعًا ما، مع شك يرفض قطعًا أن هذا الصوت لصورة مرسومة في ذاكرتي لصديقة لي، أبعدتنا مشاغل الحياة عن التواصل، وانغمسنا في معترك الحياة ومشاغلها، صوت داخلي يقول: "استحالة أن تكون هي"، عقلي ينفي أن تكون هي، ماذا أصابها أين ضحكاتها التي لم تفارقها يوما؟ أين جمال روحها التي كانت تميزها عن صديقتنا الأخريات!

أصبت بحالة ذهول، لم أمنع ملامحي عن التعبير وقد بدا استيائي وسؤالي لها: "ماذا أصابك؟ لماذا كبرت قبل أوانك؟ أين ضحكتك وبريق عينيك الذي كان يعطينا الأمل في الحياة؟ تنهدت تنهيدة طويلة لتخبرني: "إنها الدنيا وهمومها ومشاغلها"، دار بيننا حديث عرفت من خلاله أنها غير سعيدة بزواجها، وبالرغم من أنني لم أعرف التفاصيل، فقد سبرت أغوار نفسها البائسة!

هل الزواج مقبرة لحياة وأحلام المرأة؟ هل كونها أصبحت زوجة يبرر إلغاء طموحها واندماجها في المجتمع. حال الكثيرات من النساء حين يتزوجن؛ يتغيرن، تُسلب منهن حياتهن وحيويتهن وطاقتهن مع حجم المسؤوليات التي يتولين إدارتها، فيصبحن يدرن أمورًا ليست من شأنهن بكل نفس راضية، لكن مع الأيام، تبدأ الأعباء والهموم والتراكمات بالتسلل للنفس، فتنطفئ بعد أن كانت شعلة من الطاقة ومصدر إلهام للآخرين.

  المشكلة الأبدية: عن أسباب انطفاء الروح

أسباب انطفاء الروح

هل الزواج مقبرة لحياة وأحلام المرأة؟ هل كونها أصبحت زوجة يبرر إلغاء طموحها واندماجها في المجتمع؟
 
حال الكثيرات من النساء حين يتزوجن؛ يتغيرن، تُسلب منهن حياتهن وحيويتهن وطاقتهن مع حجم المسؤوليات التي يتولين إدارتها. مشكلتنا الأبدية الأزلية أننا نسلم أنفسنا لواقع مفروض علينا؛ فبدل أن نحاول تغيره وتحسينه، نتأقلم معه بكل مساوئه. تساءلتُ في نفسي: ما هو السبب الأساسي لتنطفئ الروح؟ انطفاء الروح نحن من نزرعه داخل أنفسنا عندما نتعرض لمشكلات وصدمات وخيبات، ونتعامل معها كأنها نهاية الحياة.

نساء دخلن دوامة صراعات لا متناهية تحت مظلة الزواج والبيت والمسؤوليات، لم يكن الزواج يومًا قاتلًا لروح المرأة وأحلامها، ولم يكن عبئًا ثقيلًا عليها؛ فالزواج حياة مشتركة بين شخصين يكملان بعضهما البعض، يدعم كل منهما الآخر، ويزرعان فيه حب الحياة والأمان والاستقرار، يعطيان بريقًا وإشراقة للروح، فتبدو كوردة يفوح عطرها وجمالها أينما حلت، وتنثر الفرح والسعادة في كل مكان تواجدت فيه، ولا يساهم في ذبولها وإطفائها.

تساءلتُ في نفسي: ما هي أسباب انطفاء الروح؟ هل الضغوطات والأوجاع والإهمال سببًا لتطفئ الروح؟ هل نفسية المرأة هشة لهذا الدرجة؟ هل نساهم في إطفائها بالتراكمات المخزنة داخلنا؟ لماذا نسمح لتلك الهموم أن تقتل فينا أرواحنا؟ لماذا لا نتخلص منها ونتعامل كأنه حدث عابر حدث وتعاملنا معه وانتهى دون أن يقتل فينا أجمل ما نلمك، ونواصل حياتنا بكل قوة وإقبال؟


اقرأ أيضًا: نظرة عن قرب: كيف تبدو حياتنا نحن الكبار؟


 مشكلتنا الأبدية الأزلية أننا نسلم أنفسنا لواقع مفروض علينا؛ فبدل أن نحاول تغيره وتحسينه، نتأقلم معه بكل مساوئه ويصبح جزءً منا ونعيش على قاعدة هي الموجود، "شو بدنا نعمل، ما باليد حيلة"، قمة الاستسلام والضعف حين تسمح لنفسك أن تستسلمي لواقع يطفئ داخلك ويشتتك.

لا تسمح أن تغير حياتك لجحيم يفقدك نفسك وإشراقتك وتصبح تدور في فلكها، تذكر دائمًا أن قوانين الحياة مليئة بالمواقف والأشخاص، وطالما نحن على قيد الحياة، سنمر بتجارب متنوعة؛ فاجعلها فرصة لتعلمك وتقويك، لتقابل الحياة بكل قوة.

انطفاء الروح نحن من نزرعه داخل أنفسنا عندما نتعرض لمشكلات وصدمات وخيبات، ونتعامل معها كأنها نهاية الحياة، ونوقف حياتنا لأجلها، ولم نعد نرى شيء في الحياة إلا تلك المشكلة لتقتل  فينا كل ما هو جميل، وتحولنا لأناس لا يرون الأمل ولا يعرفون للتفاؤل طريقًا، فتبني داخلنا حواجز من التراكمات والتشاؤم والنظرة السوداوية، لتتحولين إلى إنسانة غير مبالية لما يدور حولك، بليدة المشاعر.

تنعدم رغبتك في كل شيء، لا تنجذبين إلى شيء، لا يلفت انتباهك شيء، تشعرين بفراغٍ قاتل داخلك، فتصلين لمرحلة من اللامبالاة، تفقد روحك المقدرة على العطاء، فتبدأ بالتلاشي، تبهت ملامحك، وهذا ما يعرف بأعراض انطفاء الروح. 


اقرأ أيضًا: تسألني طفلة تسكنني: من أفسد كل ذلك؟


كثيرًا ما تجدين نفسك تشعرين بالضجر والضيق، وعندما تُسألين، تجيبين: "لا شيء أبدًا، لم يحدث معي شيء، يبدو أنني متعبة"؛ فتعتقدين أن شعورك بالحزن مصدره لا شيء، وأن شعورك نابع من العدم، أن لا مصدر له. لكنك تنسين آلامك المتراكمة داخلك واحتفاظك بها كأنها ممتلكاتك الخاصة التي لا يمكن المساس بها، لماذا تصرين على إطفاء نفسك؟ الجميع يتعرض لمواقف بشكل يومي، ولكن طريقة التعامل معها مختلف، وحجم الاحتفاظ بها يختلف، حاولي التخلص منها أولًا بأول، تعاملي معها كأنها حدث وانتهى.


اقرأ أيضًا: أتكون وحيدًا حين تصحبك الذكريات؟


 لا تسمحي أن تغير حياتك لجحيم يفقدك نفسك وإشراقتك وتصبحين تدورين في فلكها، تذكري دائمًا أن قوانين الحياة مليئة بالمواقف والأشخاص، وطالما نحن على قيد الحياة، سنمر بتجارب متنوعة؛ فاجعليها فرصة لتعلمك وتقويك، لتقابلين الحياة بكل قوة، ابتعدي عن تكديس الآلام وعدم البوح بها، فهي من أسباب انطفاء الروح، أعط لنفسك الأولوية في كل شيء، فلنفسك عليك حق.