بنفسج

كي لا يُحرم مرتين: قول آخر في زواج ذوي الاحتياجات الخاصة

السبت 22 يناير

هل شاهدتم من قبل الفيلم التركي "أنت فقط"؟ والذي يتحدث عن ارتباط شاب مبصر بفتاة عمياء بعد قصة حب عجيبة. هذه ليست المرة الأولى التي تعرض فيها السينما أفلامًا تحتوي مثل هذه القصص، وهذا الفيلم بالذات هو نسخة لعدة أفلام من جنسيات مختلفة تحمل ذات القصة، وأفلامٍ أخرى، أو قصصٍ وروايات مكتوبة عن ارتباط اثنين أحدهما لديه إعاقة معينة. تلامس هذه القصص المشاعر وتترقرق لها العين، وتأخذنا فيها مخيلتنا الحالمة عواطفنا المرهفة لأماكن وردية جميلة لقصص حب وزيجات ناجحة لمثل هؤلاء الأشخاص، ولكن ماذا عن الواقع؟ هل يؤيد المجتمع مثل هذه الزيجات؟ وهل فكرت يومًا إن كنت شخصًا سليمًا لقبول مثل هذه الفكرة على صعيدك الشخصي؟

إيجاد شريك حياة نتشارك معه بقلوبنا وعقولنا هو أمر فطري خُلق داخل كل إنسان، والزواج هو سنة الحياة، ولكن هل فكرنا يومًا كيف ينظر ذوو الاحتياجات الخاصة إلى هذا الموضوع، وكيف ننظر نحن والمجتمع للأمر. قبل الحديث في هذا السياق، يجدر التنويه أن الإعاقات أنواع، وعلى أساسه، وقبل الخوض في نظرة المجتمع وتأثيره، يمكن الحكم إذا ما كان يمكن لصاحب الإعاقة الارتباط جسديًا ونفسيًا أم لا.

| ما هي الإعاقة؟

 
الإعاقة تعني الإصابة بقصور كلي أو جزئي بشكل دائم أو لفترة طويلة من العمر في إحدى القدرات الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية، وتتسبب في قصور تلبية بعض متطلبات الحياة العادية من قبل الشخص المعاق واعتماده على غيره في تلبيتها، أو احتياجه لأداة خاصة تتطلب تدريبًا أو تأهيلًا خاصًا لحسن استخدامها. وهناك عدة أنواع للإعاقة منها الحركية والسمعية والبصرية والعقلية.

الإعاقة تعني الإصابة بقصور كلي أو جزئي بشكل دائم أو لفترة طويلة من العمر في إحدى القدرات الجسمية أو الحسية أو العقلية أو التواصلية أو التعليمية أو النفسية، وتتسبب في قصور تلبية بعض متطلبات الحياة العادية من قبل الشخص المعاق واعتماده على غيره في تلبيتها، أو احتياجه لأداة خاصة تتطلب تدريبًا أو تأهيلًا خاصًا لحسن استخدامها. والإعاقة أنواع:

| الإعاقة الحركية: وهي قصور في الحركة كليًا أو جزئيًا بسب مشاكل في الدماغ أو التعرض لإصابة معينة، أو الإصابة بأمراض مختلفة، مثل شلل الأطفال وضمور العضلات وهشاشة العظام وغيرها.

 | الإعاقة العقلية- الذهنية-: تُعرف الإعاقة الذهنية بأنها حالة من توقف النمو الذهني أو عدم اكتماله، وتتسبب بشكل خاص باختلال في المهارات،  وتؤثر في المستوى العام للذكاء، أي القدرات المعرفية، واللغوية والحركية، والاجتماعية، وقد يحدث التخلف مع أو بدون اضطراب نفسي أو جسمي آخر. ومن أشهرها متلازمة داون، وهي اضطراب خلقي ينتج عن وجود كروموسوم زائد في خلايا الجسم، وتزيد النسبة مع زيادة عمر الأم.

الإعاقات السمعية والبصرية: وهي التي تسبب ضعفًا شديدًا أو فقد حاسة السمع أو البصر شكل تام.

| تجارب منوعة

 
نجد أن أصحاب الإعاقة العقلية البسيطة، والتي يكون فيها معدل الذكاء أقل من 70 حسب اختبار الـ IQ العالمي، يكون أصحابها قادرين على حمل المسؤولية تجاه أنفسهم وتجاه أسرهم، إذا وجدت الرعاية المناسبة في سن مناسبة مبكرة، لكنها تظل بحاجة إلى الإرشاد والتوجيه من الآخرين، ويكونون في العادة أكثر حظًا في الزواج، خاصة عند توفر عوامل أخرى؛ مثل المستوى الاقتصادي والاجتماعي الملائم، كذلك الحال في الإعاقات السمعية والبصرية التي يكون صاحبها سليمًا ذهنيًا وجسديًا 100 في المئة.

إن زواج المعاق محكوم بنوع الإعاقة، فبعض الإعاقات لا تسمح لصاحبها  الزواج والارتباط، في حين أن البعض الآخر قد يكون سببًا في تعزيز فكرة ارتباط صاحب الإعاقة، حيث يرى الكثير من أولياء الأمور، ومن العاملين في مجال الإعاقة، والمهتمين في هذا الشأن أن في زواج الأشخاص ذوي الإعاقة تحقيق الكثير من المنافع والمصالح المهمة، ولعل من أهمها إيجاد شريك للشخص المعاق يرعاه ويعتني به ويساعده في تدبر أمور حياته اليومية ودمجه في المجتمع، طالما كان الشريك السليم لديه هذه الرغبة في الارتباط نفسيًا وفكريًا. وهذا يكون الهدف الأكبر لأهل الشخص المعاق، إضافة إلى رغبتهم في امتداد نسل هذا الشخص ليخرج من صلبه أبناء يحملوا همه بعدهم ويكونوا سندًا له.

وبشكل عام نجد أن أصحاب الإعاقة العقلية البسيطة، والتي يكون فيها معدل الذكاء أقل من 70 حسب اختبار الـ IQ العالمي، يكون أصحابها قادرين على حمل المسؤولية تجاه أنفسهم وتجاه أسرهم، إذا تلقوا الرعاية المناسبة في سن مبكر، لكنهم يظلون بحاجة إلى الإرشاد والتوجيه من الآخرين، ويكونون في العادة أكثر حظًا في الزواج، خاصة عند توفر عوامل أخرى؛ مثل المستوى الاقتصادي والاجتماعي الملائم، كذلك الحال في الإعاقات السمعية والبصرية التي يكون صاحبها سليمًا ذهنيًا وجسديًا 100 %.

اعاقة55.jpg

وهنا يمكن ضرب مثال للإعاقات الذهنية، مثل متلازمة داون التي يشهد المجتمع العربي بعض حالات زواج ناجحة للمصابين بمثل هذه الإعاقة، وهذا تبعًا لنوع متلازمة داون، فهناك تفاوت بينهم واختلافات فردية حسب درجة الاضطراب العقلي، ولكن مع التطور الشديد في الأساليب العلمية للتعامل مع مصابي متلازمة داون، أصبح من الأكثر سهولة التغلب على هذا الاضطراب العقلي بالتوعية المبكرة حسب دراسة أجراها الأخصائي روي براون.

في العموم، إن الهدف من الزواج المذكور هنا في العادة؛ الرعاية والتكافل والتراحم بين الزوجين، وهنا تبرز قضايا كثيرة، أهمها مفهوم الكفاءة في القدرات البدنية أو الحسية أو العقلية. وهناك تجارب ناجحة في هذا المجال يقابلها تجارب أخرى لم تنل حظها في النجاح.

أما زواج المعاقين حركيًا فهو أمر ممكن، جميعنا نشهد قصة الشيخ أحمد ياسين الذي كان قائدًا ومفكرًا وزوجًا وأبًا أيضًا رغم إعاقته الحركية، ولكن يجب التنويه هنا أن بعض الإعاقات الحركية يصعب على أصحابها الزواج حيث يتأثرون، تبعًا لإعاقتهم، جنسيًا. في العموم، إن الهدف من الزواج المذكور هنا في العادة؛ الرعاية والتكافل والتراحم بين الزوجين، وهنا تبرز قضايا كثيرة، أهمها مفهوم الكفاءة في القدرات البدنية أو الحسية أو العقلية.

وهناك تجارب ناجحة في هذا المجال يقابلها تجارب أخرى لم تنل حظها في النجاح. ناهيك عن بعد الإنجاب وتربية الأبناء وتأثير العوامل الوراثية التي تختلف من إعاقة إلى أخرى حسب الدراسات الجينية، وبالعودة مثلًا إلى متلازمة داون؛ فإن أصحاب المتلازمة في حال زواجهم من شخص سليم، يكون هناك احتمال لإنجاب أطفال مصابين، إذا كانت المصابة أنثى، في حين لا نسبة لظهور ذلك في حال كان المصاب رجلًا طالما كان أبواه سليمين. ويجدر التنويه هنا أن هناك نوعين من الزيجات في هذا السياق؛ فهناك زواج شخص سليم من آخر معاق، وهناك زواج شخصين معاقين من بضعهما البعض، وهو ما سنتطرق بشكل أدق في السطور القادمة.

| العوامل المؤثرة في زواج المعاقين

 
على صعيد النوع الاجتماعي؛ لا توجد إحصائية واضحة تشير إلى نسبة زواج الذكور المعاقين إلى نسبة زواج الإناث المعاقات، ولكن وبشكل عام، وعلى صعيد الوطن العربي بالتحديد، فإن هناك نسبة عالية "للعنوسة"، ويرجع ذلك إلى ارتفاع نسبة الإناث للذكور، إضافة إلى الانتقائية المبنية على الشكل في كثير من الأحيان التي يتخذها الذكور مقياسًا في اختيار شريكات حياتهم، لذلك يمكن التكهن من هذا المنطلق أن الاناث المعاقات أقل حظًا في الزواج من الذكور المعاقين، إلا في الحالات التي يتزوج فيها شخص معاق من أخرى معاقة. 

يتأثر زواج المعاقين بكثير من العوامل، أولها الاجتماعية؛ فالمجتمع يرى أن هذا النوع من الزيجات يكون في سبيل تحقيق مصلحة معينة كما ذكرنا سابقًا، أي إيجاد شريك معين للمعاق أكثر من أي شيء آخر، وفي حالات أخرى كثيرة يقف في وجه هذا الزواج أو يقلل من شأنه، فالفتاة السليمة التي تقبل بالارتباط بشاب معاق تتعرض لكثير من النقد الذي يصل للشكوك والاتهامات أحيانًا حيث ينظرون للفتاة بدونية، وأن فيها خللًا ما لمجرد قبول مثل هذا الأمر.

في حين يبارك المجتمع زيجات المعاقين من بعضهم بعضًا، كأن يتزوج اثنان من ذوي الإعاقة السمعية مثلًا بعضهما بعضًا، بحجة أنه سوف يساعد كثيرًا في نجاح الزواج واستمراره، ومبرراتهم في ذلك هو أن الشريك المعاق يكون أكثر تفهمًا، وعلى دراية وإدراك ومعرفة تامة بطبيعة الصعوبات التي يعاني منها الشريك المعاق، إضافة إلى أن نوعية التواصل بين الشريكين تكون على أفضل وجه وأحسن حال، وبأن البيئة التي يعيش فيها الشريكان المعاقان تكون مناسبة ومؤهلة لكلا الطرفين، وفي حالة كون الشريكين من إعاقة مختلفة- أحدهما لا يتحرك مثلا والآخر لا يسمع-، يكون هناك نوع من الكفاءة الاجتماعية بين الشريكين مما يساعد على نجاح هذا الزواج.

اعاقة5.jpg

على صعيد النوع الاجتماعي؛ لا توجد إحصائية واضحة تشير إلى نسبة زواج الذكور المعاقين إلى نسبة زواج الإناث المعاقات، ولكن وبشكل عام، وعلى صعيد الوطن العربي بالتحديد، فإن هناك نسبة عالية "للعنوسة"، ويرجع ذلك إلى ارتفاع نسبة الإناث للذكور، إضافة إلى الانتقائية المبنية على الشكل في كثير من الأحيان التي يتخذها الذكور مقياسًا في اختيار شريكات حياتهم، لذلك يمكن التكهن من هذا المنطلق أن الإناث المعاقات أقل حظًا في الزواج من الذكور المعاقين، إلا في الحالات التي يتزوج فيها شخص معاق من أخرى معاقة.

ويلعب المستوى الاجتماعي والاقتصادي دورًا في هذا الأمر أيضًا، حيث إن للأسرة والمجتمع دورًا أساسيًا في الدفع بالمعاق نحو الأمام، ولا يخلو تفكير المجتمع من (إعاقة ذهنية) اتجاه الشخص المعاق، تمنع المعني من تحقيق الاندماج الاجتماعي، ومن الشعور بالثقة في الذات، ومن التقدير والمحبة في مجتمعه. فالزواج حق لكل بني آدم، ولا فرق في ذلك بين سوي ومعاق، ما دامت الاستطاعة حاصلة والقدرة حاضرة.

تقيم العديد من الدول المؤتمرات والندوات التي تنادي بشرعية وحق المعاقين في الزواج، بل تسهل الأمر أحيانًا من خلال إقامة أعراس جماعية ودعم المعاقين ماديًا واجتماعيًا، ناهيك عن الجمعيات والمؤسسات التي تطالب الموضوع وتدعمه. ولكن يجدر التنويه هنا أن الزواج بشكل عام هو علاقة إنسانية ليست بتلك البساطة والسهولة؛ فالارتباط قائم على واجبات وحقوق ومسؤوليات مترتبة على كلا الطرفين، لذلك يجب أن يكون كلا الطرفين واعين فكريًا ونفسيًا لهذه الخطوة وما يترتب عليها، ليحقق الزواج أهدافه على الصعيد الشخصي والعام.