بنفسج

آلاء أبو تيلخ: الموجز لم ينته بعد

الثلاثاء 28 يونيو

لم تكن يومًا بفتاة عادية، وضعت أحلامها نصب عينيها منذ طفولتها، أحبت العلم فقطعت الحدود لأجله، غامرت وخاضت تجربة حياتية فريدة، لا معنى لحياتها دون اجتهاد، في شبابها قطعت المسافات مشيًا على الأقدام بشكل يومي لتلتحق بعملها التطوعي، ولم تكن المعيقات تثنيها عن الاستثمار في نفسها أكثر، عقدت علاقة وثيقة مع المكتبة، فصاحبت الكتب التي أثرتها فكريًا، رغبتها في التزود من مناهل العلم دفعتها أن تحزم الأمتعة لتسافر خارج غزة لتكمل الدكتوراه، تاركة خلفها ابنتها الصغيرة مع والدها على وعد أن تعود سريعًا، ولكن جاءت الضربة التي قصمت ظهرها؛ فأغلق معبر رفح البري، وحُرمت من طفلتها لعام ونصف ذاقت خلالهما لوعة الفراق.

| الإنجاز زاد حياتها

 
آلاء كامل أبو تيلخ، فلسطينية، حاصلة على بكالوريوس في التكنولوجيا، وماجستير في أصول التربية، ودكتوراه فلسفة في التربية من جامعة عين شمس. ناشطة مجتمعية ومدربة في مجال التربية وكاتبة محتوى؛ لها العديد من المقالات التربوية والسياسية، والكتابات الأدبية. شاركت في كثير من المبادرات الشبابية والأنشطة المجتمعية والمؤتمرات المحلية الفلسطينية والدولية، متنقلة بين فلسطين والأردن ومصر وبلجيكا.
 
"بعد تخرجي من البكالوريس بعامين قررت خوض تجربة الماجستير في التخصص الذي أحبه وقمت بربطه مع الخبرة التي اكتسبتها؛ فدرست (أصول التربية)، واخترت بحثي حول الإدارة الإلكترونية وعلاقتها ببرامج التدريب في التعليم المستمر في محافظات غزة. 

بنفسج تستضيف آلاء كامل أبو تيلخ، فلسطينية، حاصلة على بكالوريوس في التكنولوجيا، وماجستير في أصول التربية، ودكتوراه فلسفة في التربية من جامعة عين شمس. ناشطة مجتمعية ومدربة في مجال التربية والتنمية البشرية وكاتبة محتوى؛ لها العديد من المقالات التربوية والسياسية، والكتابات الأدبية. شاركت في كثير من المبادرات الشبابية والأنشطة المجتمعية والمؤتمرات المحلية الفلسطينية والدولية، متنقلة بين فلسطين والأردن ومصر وبلجيكا.

تقول آلاء لبنفسج: "بدأت رحلتي العلمية بدراسة ما أُحب ألا وهي التكنولوجيا، وكنت مهتمة جدًا بالاطلاع والبحث في مجال العلوم والتطورات التكنولوجية حول كل ما هو جديد في هذا العالم؛ وكنت أستثمر وقت فراغي في الجامعة بحضور الدورات التدريبية في مجال التربية والتنمية البشرية؛ فتعمقت أكثر في عالم التربية والتدريب واكتسبت خبرة جيدة ".

تضيف: "بعد تخرجي من البكالوريس بعامين قررت خوض تجربة الماجستير في التخصص الذي أحبه، ودمجته مع الخبرة التي اكتسبتها؛ فدرست (أصول التربية)، واخترت بحثي حول الإدارة الإلكترونية وعلاقتها ببرامج التدريب في التعليم المستمر في محافظات غزة. وبعد انتهاء رحلة الماجستير التي كانت بالفعل محطة عبور إلى الحلم الأكبر فورًا قررت إكمال المسير، ودرست (دكتوراه فلسفة في التربية تخصص أصول تربية) في جامعة عين شمس بالقاهرة، وكان بحثي بعنوان (الدور التربوي لمؤسسات المجتمع المدني الداعمة للتنمية البشرية المستدامة)، فربطت هنا خبرتي مع شغفي  ودراستي في الرسالة، ونتج عنه دليل تمكين مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق التنمية البشرية المستدامة".


اقرأ أيضًا: د. أحلام بشكار: رحلة "الألف ميل" لم تنته في الصين


حياتها زاخرة بالإنجازات، تحب التفاعل في النشاطات المختلفة، ولكل عمل فعلته حكاية خاصة، شغلت عددًا من المناصب؛ منها منصب مستشارة تربوية في شركة التغيير العربية للتدريب والتنمية، ومدربة تربوية في معهد كنعان التربوي النمائي، ومدربة تربوية في برنامج بريدج الدولي. من مؤسسي برلمان الطفل الصغير، وعضو مجلس إدارة جمعية فكر، وعضو مجلس إدارة جمعية تنمية الطفل الفلسطيني، وعضو مجلس إدارة جمعية رحالة لتنمية وتطوير قدرات الشباب، وغيرها من المؤسسات الأهلية، وهي من متطوعي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ووزارة الشباب والرياضة الفلسطينية. كما وعملت ضمن فريق شبابي في جمهورية مصر العربية لدعم ومساندة الطلبة الفلسطينيين الدارسين في الجامعات والمعاهد المصرية، وكانت من منظمي فعالية يوم الجاليات العربية في بلدية هيرف في بلجيكا، ومشارِكة دائمة في وقفات التضامن مع الشعب الفلسطيني التي تنظمها مؤسسات في الاتحاد الأوروبي.

| "مطبات" حياتية

inbound2179819508011293899.jpg
نشاطات مختلفة للشابة آلاء أبو تيلخ

لم تتوقف عن هذا الحد، بل واصلت السير قدمًا نحو ما تريد. عكفت على إجراء البحوث حيث تنتقل خلالهما إلى عالم خاص بها وحدها. حصلت آلاء على عضوية البرلمان الدولي لعلماء التنمية البشرية، وعضوية اتحاد المدربين العرب. ساهمت بإعداد دليل تمكين مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني للوصول إلى التنمية البشرية المستدامة، وتنفيذ دراسة بعنوان المرأة الفلسطينية بين الواقع والمأمول، ودراسة بعنوان واقع الإدارة الإلكترونية في مؤسسات التعليم العالي في محافظات غزة، وساهمت في إعداد دليل العاملين مع الأطفال في الانضباط الإيجابي ضمن بيئة صديقة للطفل.

تعمقت في مجال التربية، لكن بقي لديها هاجس خفي يراودها ما إذا كانت ستتمكن من تطبيق تلك التربية مع أبنائها في المستقبل أم لا، تقول: "بفضل الله أنا الآن أم لابنتين، أكبرهما بعمر التاسعة، واتفقت مع والدهما على ممارسة ما تعلمته في التربية مع ابنتينا حتى شعرت بنتاج هذا التعب المبني على علم ونظريات ولا يخلو من التجربة والخطأ، فأرى ابنتي اليوم تتخذ قراراتها بنفسها وتتحمل المسؤولية عما تختاره، ولديها القدرة على التخطيط والتحليل والربط والتفاعل مع محيطها بكل ثقة وقوة. إن العمل التربوي تراكمي ويحتاج لوقت طويل حتى يظهر أثره ويختلف تقبله من شخص لآخر وهذا ما يزيد صعوبته؛ لكنه بالمقابل، يُمَكّن أطفالنا من مواجهة الحياة بقوة، ويساعد على بناء مجتمع مدني قوي ومتماسك".

"أذكر حين سافرت لدراسة الدكتوراه التي لم تكن موجودة في غزة، أُغلق المعبر ولم أستطع العودة، فحرمت من ابنتي ذات الثلاث سنوات لمدة سنة ونصف السنة، وهذا أثر على نفسيتي بشكل كبير وقد يكون أثرها حتى الآن. أذكر الكثير من الصعوبات، ولكن لحظة النجاح كانت كفيلة بتعويضي عن كل ألم وخذلان وتعب واجهته في رحلتي العلمية والعملية.

لا تخلو الحياة من المعيقات التي تعصف بنا في لحظات عديدة، تعتبر آلاء الحياة مغامرة محفوفة بالمخاطر، وفي كل مرحلة نكسب بها شيء نخسر شيء مقابله، تضيف: "أذكر أنني كنت أقطع الحواجز مشيًا على الأقدام كي أصل للمكان الذي كنت أتطوع فيه من قبل أن أحصل على العمل، وأذكر كم الدورات التدريبية التي التحقت بها لصقل شخصيتي ومهاراتي، وأذكر زيارات المكتبة التي بنت داخلي حب القراءة، ومكنتني من الانطلاق في مجال التأليف والكتابة الأدبية حتى أنتجت رواية أشباهي الأربعون وحالات افتراضية".

وكون آلاء كانت تقيم في غزة، عانت للغاية من جهة انقطاع الكهرباء، وإغلاق المعابر، وخسارة فرص كانت تستدعي السفر ولكن بسبب الظروف العامة بالوطن كانت تحرم من السفر، تقول: "أذكر حين سافرت لدراسة الدكتوراه التي لم تكن موجودة في غزة، أُغلق المعبر ولم أستطع العودة، فحرمت من ابنتي ذات الثلاث سنوات لمدة سنة ونصف السنة، وهذا أثر على نفسيتي بشكل كبير وقد يكون أثره حتى الآن. أذكر الكثير من الصعوبات، ولكن لحظة النجاح كانت كفيلة بتعويضي عن كل ألم وخذلان وتعب واجهته في رحلتي العلمية والعملية، ويكفيني فخرًا وسعادة أني قطعت ذلك الطريق الطويل من مغامرتي منتصرة وبأقل الأضرار والخسائر والتضحيات، وبإذن الله سأكمل المشوار بتوفيق الله ودعاء والديّ ورضاهم".

| همة لا تهدأ

تؤمن آلاء بأن الحياة قصيرة بالكاد تتسع لمن نحب، فلنعطِهم المساحة الكافية ولنترك الخلق للخالق وليجعل كل منا الآخر ليعيش بسلام.
تقول: "في رحلتي الطويلة كانت أمي السند لي، والداعم الأول ماديًا ومعنويًا، تساعدني في صياغة الأفكار، ومنها ورثت مَلكة الكتابة، حتى بعد وفاتها ما زالت تدعمني بنصائحها التي لطالما كانت لي نورًا في الأيام المظلمة".
 
الكتابة بالنسبة لها فعل حياة، وتعتبر مهمة الكاتب الحقيقية هي الالتحام مع هموم الشارع ومزج الأدب والفكر بحياة الناس، مع أهمية الحفاظ على المستوى الفني والتقني ومراعاة الشروط الفنية. كما نوهت إلى أن الكتابة الأدبية تعني أن تصير أقلامنا منابر أخلاقية وعلمية وفكرية؛ لتخلق صحوة مجتمعية وقفزة فكرية وحضارية.

تستذكر آلاء المبادرات التي اشتركت فيها وتقول: "أثناء دراستي الدكتوراه في مصر، انضممت إلى فريق شبابي فلسطيني في الساحة المصرية، وكنت ضمن قيادة الفريق حيث قمنا بعدد من المبادرات التي تهدف مساندة الطالبات الفلسطينيات الدارسات في جامعات ومعاهد جمهورية مصر العربية، من خلال أنشطة علمية وترفيهية واجتماعية، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، وتنظيم مؤتمرات ولقاءات في مجال تخصصاتهم، وكان لهذه المبادرات أجمل أثر في نفسي لأنني شعرت أننا بمثابة الأهل للطالبات المغتربات، بل كنت أشعر كثيرًا أنني أم لهن، وهذا من أنبل ما يمكن أن يقدمه الشخص لأبناء بلده".

تؤمن آلاء بأن الحياة قصيرة بالكاد تتسع لمن نحب، فلنعطِهم المساحة الكافية ولنترك الخلق للخالق وليجعل كل منا الآخر ليعيش بسلام. "في رحلتي الطويلة كانت أمي السند لي، والداعم الأول ماديًا ومعنويًا، تساعدني في صياغة الأفكار، ومنها ورثت مَلكة الكتابة، حتى بعد وفاتها ما زالت تدعمني بنصائحها التي لطالما كانت لي نورًا في الأيام المظلمة".

لاء تيلخ.jpg
آلاء كامل أبو تيلخ مع زملائها في مصر بعد انتهاء فعالية

الكتابة بالنسبة لها فعل حياة، وتعتبر مهمة الكاتب الحقيقية هي الالتحام مع هموم الشارع ومزج الأدب والفكر بحياة الناس، مع أهمية الحفاظ على المستوى الفني والتقني ومراعاة الشروط الفنية. كما نوهت إلى أن الكتابة الأدبية تعني أن تصير أقلامنا منابر أخلاقية وعلمية وفكرية؛ لتخلق صحوة مجتمعية وقفزة فكرية وحضارية.

وعند سؤالها عن طموحها أجابت: "أكثر الأسئلة تعقيدًا وصعوبة، لأن الطموح بالنسبة لي لا يتوقف، فكلما صعدت درجة في سلم النجاح زاد طموحي لأبعد مما كنت قد أتوقعه، ولكن حلمي الذي أسعى لتحقيقه هو أن يرافق اسمي أسماء التربويين الذين ساهموا في بناء جيل مبدع قوي مُحِب للقراءة، شغوف للابتكار والتميز، يؤمن بالمحبة والسلام والمساواة والمشاركة".