بنفسج

قصتي.. ترسيان جرادات

الثلاثاء 07 مارس

"أوف الجيش دخل جنين".. لم أكن اعلم وقتها أنهم في طريقهم لبيتنا، فجأة وجدتهم يحاصرون بيوت أعمامي، حين رأيت الأمر يكبر والحصار يقترب جهزت نفسي فورًا، كانوا يسألون عني، ذهبت لأفتح الباب وإذ بهم يفجرونه أمام عيني، فتراجعت خطوات للخلف دهشة وخوفًا وكنت أسأل نفسي: "شو صار". طلبوا بطاقتي الشخصية واعتقلوني فورًا، دون مراعاة لوضعي الصحي الخاص. خرجت من بيتنا مرغمة في الجيب العسكري، لم يهمهم كسر يدي، وضعوا الكلبشات رغم الكسر.

"أوف الجيش دخل جنين".. لم أكن اعلم وقتها أنهم في طريقهم لبيتنا، فجأة وجدتهم يحاصرون بيوت أعمامي، حين رأيت الأمر يكبر والحصار يقترب جهزت نفسي فورًا، كانوا يسألون عني، ذهبت لأفتح الباب وإذ بهم يفجرونه أمام عيني، فتراجعت خطوات للخلف دهشة وخوفًا وكنت أسأل نفسي: "شو صار". طلبوا بطاقتي الشخصية واعتقلوني فورًا، دون مراعاة لوضعي الصحي الخاص.

خرجت من بيتنا مرغمة في الجيب العسكري، لم يهمهم كسر يدي، وضعوا الكلبشات رغم الكسر. أنا دينا جرادات أو ترسيان كما أحب أن أُنادى، من جنين، طالبة إعلام في جامعة القدس المفتوحة. تعرضت بعد اعتقالي لتحقيق قاس وطويل وتعذيب وحرمان من الأدوية والاستحمام، ولزيادة التنكيل، حولت إلى العزل الإنفرادي بقسم الجنائيين، وصادروا "فرشة البرش" فنمت على الحديد والألم يعصف برأسي، وبعد أسبوعين من التعذيب أخذوني إلى سجن الدامون.

وهنا اختلطت بالأسيرات عن قرب، لطالما سمعت عن قصص الأسيرات داخل السجون ولكن التجربة تختلف، في الأسر نستيقظ في السادسة صباحًا ثم تبدأ الفورة الساعة السابعة، ونجتمع في الجلسة العائلية، انشغلت خلال فترة سجني بالكتابة والقراءة.

في الحياة مواقف تهزنا من الداخل نجاهد لكي نتحمل آلامها التي تغزو القلب، في السجن رأيت الأسيرات يركضن لشم الجوافة التي حرمن منها لمدة سبع سنوات، أردن أن يعرفن رائحة الطبيعة بعد سنوات من الحرمان. 

وحين قشرت الرمان لإحدى الأسيرات وتذوقته لأول مرة بعد سنوات طويلة، فقالت: "الله الله نفس الطعم يلي برا"، بقيت يومين وأنا أبكي تأثرًا وحزنًا. 


لنأتي لحالتي لصحية، فأنا مريضة بمرض الاستقاء الدماغي المزمن وأحتاج لرعاية صحية خاصة، وهذا لم أجده داخل السجن، في أول اعتقالي تم فك جبيرة اليد ووضع مشد بدلًا منها دون تصويرها ومتابعتها، وحرموني من أدويتي واستبدولها بأدوية مشابهة،
سببت لي مشاكل صحية وعلى إثرها نقلت إلى المشفى لسحب السوائل.
 لم أكن أذهب للمشفى إلا بعد خطوات احتجاجية ومطالبات عديدة، ومع سوء حالتي كان تقيد قدمي ويدي، وحتى عند عملية سحب السوائل من جسدي، وهذه عملية خطيرة جدًا حيث تسحب من العمود الفقري، وأكون مقيدة أيضًا.

لم أنس اللحظات المريرة ما حييت، تعمد الجنود حين نقلي بالبوسطة تشغيل التكييف دائمًا على درجة برودة منخفضة جدًا وهذا سبب آلام شديدة في رأسي، وأوجاع جسدية مختلفة. 

بعد نيل الحرية لم أفرح بتحرري من السجن، فقد نقلت إلى المشفى فورًا، بسبب تردي حالتي الصحية، كنت أعاني من تخثر الدم في شريان الدماغ الرئيس وبسببه فقدت تركيزي.
نعم لقد نلت حريتي لكن التجربة علمتني كثيرًا، تعلمت الصبر أكثر، وحب الحياة بحلوها ومرها. يكفي أن يكون المرء حرًا طليقًا على هذه الأرض لا يباغته سجان ليملي عليه الأوامر. 

أخيرًا، لأخبركم عن قصة اسمي، اختلف أبي وأمي على تسميتي، أبي اختار دينا وأمي اختارت ترسيان ومعناه غصن النخيل الأخضر، وإرضاءً للطرفين سُجلت بدينا، وينادوني ترسيان. 

آمل أن أصبح إعلامية قادرة على إيصال صوت الحق للعالم أجمع، وأن ينال الحرية كل الأسرى في القريب العاجل.