بنفسج

أريد قناة يوتيوب يا أمي

الثلاثاء 16 مايو

ي تمرين السباحة، وبينما الأطفال يخضعون لقواعد التدريب الصارمة، والأمهات، كما العادة، بانتظارهم، يتبادلن الخبرات التربوية والتعليمية، وبالطبع الوصفات المطبخية، في حالة من التباري غير المفهوم، يكون فيها الأبناء عادةً دلائل وبراهين على نجاح هذه الخبرات ونجاعتها، فوجئنا جميعًا بأصوات الدهشة قادمة مع أطفالنا وهم يلتفون حول فتى صغير لم يتجاوز الثماني سنوات على الأكثر. حمل الأطفال صاحبهم، الفتى اللامع، في نظرات الانبهار والفخر حتى وصلوا إلينا بالخبر السعيد، وأعينهم تكاد من فرط الفرحة تدمع، يمتلك الصغير "قناة مقالب على اليوتيوب" يتابعها العشرات، لكنها، بمزيد من الكدّ والاجتهاد من صاحبها، في طريقها لمضاعفة أعداد متابعيها!

في تمرين السباحة، وبينما الأطفال يخضعون لقواعد التدريب الصارمة، والأمهات، كما العادة، بانتظارهم، يتبادلن الخبرات التربوية والتعليمية، وبالطبع الوصفات المطبخية، في حالة من التباري غير المفهوم، يكون فيها الأبناء عادةً دلائل وبراهين على نجاح هذه الخبرات ونجاعتها، فوجئنا جميعًا بأصوات الدهشة قادمة مع أطفالنا وهم يلتفون حول فتى صغير لم يتجاوز الثماني سنوات على الأكثر.

حمل الأطفال صاحبهم، الفتى اللامع، في نظرات الانبهار والفخر حتى وصلوا إلينا بالخبر السعيد، وأعينهم تكاد من فرط الفرحة تدمع، يمتلك الصغير "قناة مقالب على اليوتيوب" يتابعها العشرات، لكنها، بمزيد من الكدّ والاجتهاد من صاحبها، في طريقها لمضاعفة أعداد متابعيها! ثم حدث ما لا يحتاج إلى كثير من النباهةِ لتوقعه، في صوت واحد يشبه كورالًا محفوظًا وجدت الأمهات أنفسهن أمام الطلب المنتظر: ماما أريد أن أُنشئ قناة على اليوتيوب؟ لماذا؟ لكي أصبح غنيًا ومشهورًا!

تباينت ردود الأفعال، لكنها على اختلافها، أفصحت عن السؤال الأهم؛ السؤال المحمّل بالفزع أكثر من الاستفهام: متى نبت في وادينا الطيّب أمنيات الشهرة والمال على هذا النحو؟ كيف تحوّل وعي الأطفال من خيالات القوى الخارقة، ومحاولات إنقاذ العالم من أساطين الشر، وبسط سيطرة الخير والعدل إلى هذا الحديث المخيف عن اقتناء كل ما هو ثمين، وتملّك أحدث السيارات، وجوب العالم بطائرات خاصة؟ أين ذهبت أحلام سبيستون يا أصدقائي؟!

هذا السؤال على خِفّته، مخيف ومعقّد، لكن دعونا نمسك بطرف خيطه، منطلقين من "اليوتيوب" ورواده من "اليوتيوبرز"، حيث تختبر الأسرة نمطًا جديدًا من الرسائل الإعلامية غير المراقبة كليّة، والتي تعتمد بصورة رئيسية على الطفل كصانع للمحتوى، أو بطل أساسي فيه، وبالوقت نفسه هو المتابع/ المشاهد الأول له.

يتكوّن وعي الطفل من خلال ما يُعرف بـ"التنشئة الاجتماعية"، هذه التنشئة التي تحوله من كائن بيولوجي إلى فرد اجتماعي يرتبط بمحيطه العام من خلال أواصر الثقافة والتعليم والتربية، في إطار مجموعة من التفاعلات المتشابكة التي تقوم بها مؤسسات مثل الأسرة والمدرسة والإعلام، حتى تنتهي به إلى فرد ناضج قادر على إدارة عمليات التكيّف الاجتماعي وفق مجموعة المفاهيم والقيم التي يتبنّاها، ومن ثمّ تتحدد هويته الشخصية وكذلك معاييره الأخلاقية. بمعنى آخر تنتج عملية التنشئة "النظارة" التي يرى الإنسان بها العالم من حوله، وكيف يتعاطى معه أخذًا وردًّا.

بالحديث عن الإعلام، موضوع هذا المقال بالتحديد، فيجادل باحثوه من خلال نظرية "الغرس الثقافي" لـ جورج جربنر، أن للإعلام بمنصاته المختلفة دور فاعل وحيوي في عملية التنشئة الاجتماعية للأفراد عامة والأطفال بصفة خاصة. تفترض نظرية جربنر أن التعرّض للمحتوى الإعلامي يجعل الفرد أكثر قابلية لتبنّي معتقدات اجتماعية تتماثل مع الصورة التي تقدمها المنصات الإعلامية عن الحياة الواقعية، بحيث ترتبط هذه القابلية إيجابيًا مع كثافة التعرّض، فكلما زاد الوقت الذي يقضيه الإنسان أمام الشاشة كلما كان تمثّله وتوحدّه مع ما الرسائل التي تقدمها أكثر.

حسب استطلاع أجرته مجموعة إن بي دي البحثية الأمريكية، فإن ٤٠٪ من الأطفال الذين بلغوا ١٤ عامًا أو أقل، يشاهدون مقاطع فيديو على اليوتيوب مرة أسبوعيًا، على الأقل، من بين هذه المقاطع المصورة نَما أكثر فأكثر المقاطع التي تعتمد على الأطفال كعناصر أساسية في المحتوى الذي تقدمه، خاصة تلك التي تقدم محتوى "عائليًا" يعتمد على نقل يوميات تلك العائلات، والتي غالبًا ما تأخذ شكلا ترفيهيًا بتجربة ألعاب جديدة، وهذا أول الخطر حيث تقدم هذه القنوات للطفل تصورًا خاطئًا أو قاصرًا في أفضل الأحوال عن الطبيعة المتوقعة للحياة.

المقال كاملًا، من هنا.