بنفسج

لماذا تعلقت بموسى النبي؟

الثلاثاء 16 مايو

امبارح كنت بقرأ عن سيدنا موسى، وكنت بسأل نفسي: ليه رغم تسرعه وارتباكه اختاره الله بين كل الأنبياء ليكون كليمه؟ الوحيد اللي ربنا كلمه رغم أن ردود أفعاله لم تكن مثالية ولا كاملة؟ اختيار ربنا له منحني أمل إن مش بالضرورة تكون شخص كامل مثالي ليقربك الله له، بالعكس، ربما ضعفك ولخبطتك، وحاجتك لله واعتمادك عليه لا على حكمتك، واتزانك بتقربك له أكتر، بعدها كنت بقرأ آيات عنه، فلفت نظري أمر آخر، أن موسى -عليه السلام- في كل موقف كان بيكلم ربنا مباشرة، صلة مباشرة لا تنقطع، مثلًا في الرخاء: "قال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير".

وأنا صغيرة كنت بحب قصة سيدنا موسى جدًا وبفضل أتخيل شكله، لأن الشيخ وهو بيحكي قصته فسّر "يضيق صدري ولا ينطلق لساني" تفسيرًا مبسطًا بأن سيدنا موسى كان يرتبك وكان عنده "لدغة" في لسانه، فبشكل ما حسيت بالانتماء له بسبب حرف"الراء" اللي عندي، وكنت بتابع باقي أحداث حياته بشغف شديد، وكل ما بكبر أحبه أكتر لأنه النبي اللي واضح في شخصيته نقاط ضعف بشري. في مراهقتي، كنت بتوتر جدًا وبحس إحساسه لما وكز الرجل فقضى عليه بالخطأ.. تسرعه وقتها ثم ندمه وخوفه وانفعاله بعدها، كنت، وما زلت، بقدّر جدًا انه قوي أمين، ورغم ذلك، هو أيضًا سريع الإنفعال، مرتبك، في حاجة ليُشد عضده بأخيه، ويخاف من انعقاد لسانه.

هو نبي، لكنه غير قادر على التخلص من قلقه، يعده ربه بالمعونة، لكنه حين يرى سحرة فرعون "يوجس في نفسه خيفة"، ينفعل كفتيل سريع الاشتعال، ويلقي الألواح، ويأخذ برأس أخيه يشده إليه رغم حبه له وحاجته له، يخاف وينفعل ويندم ويرتبك ويتلعثم. هو نبي، لكن لما قومه سألوه من أعلم الناس. لم يجب بالحكمة المتوقعة منه، بل أجاب بفخر "أنا"، فأدّبه ربه وأرسله للخضر ليتعلم منه، حتى بعد مرافقته للخضر لم يفقد طبعه المتسرع الشغوف بالمعرفة العاجلة، "لم يستطع معه صبرا".

امبارح كنت بقرأ عن سيدنا موسى، وكنت بسأل نفسي: ليه رغم تسرعه وارتباكه اختاره الله بين كل الأنبياء ليكون كليمه؟ الوحيد اللي ربنا كلمه رغم أن ردود أفعاله لم تكن مثالية ولا كاملة؟ اختيار ربنا له منحني أمل إن مش بالضرورة تكون شخص كامل مثالي ليقربك الله له، بالعكس، ربما ضعفك ولخبطتك، وحاجتك لله واعتمادك عليه لا على حكمتك، واتزانك بتقربك له أكتر، بعدها كنت بقرأ آيات عنه، فلفت نظري أمر آخر، أن موسى -عليه السلام- في كل موقف كان بيكلم ربنا مباشرة، صلة مباشرة لا تنقطع، مثلًا في الرخاء: "قال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير". وحين الندم على تصرف مستعجل "قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي"، وقبل مواجهة عدوه"، رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني".

وفي كل موقف آخر كان اختياره الأول هو مخاطبة الله مباشرة، والاحتماء به، فبالتالي لما قال موسى: "رب أرني أنظر إليك"، كلمه ربه، ظل عمره كله يكلم الله.. ففي وقت وحدته في الصحراء كلمه ربه. تصوري عن موسى-عليه السلام- دائمًا أنه نقي قوي أمين ذكي حيي. رغم ذلك يساوره الشك والخوف والارتباك، وينفعل ويغضب ويندم، ويكلم ربه ويكلمه ربه، ويصبر، ويصبر. رحم الله موسى، وجمعنا به