بنفسج

قصتي.. أنهار الديك

الثلاثاء 16 مايو

تركت أنهار خلفها عائلة كاملة تحبها ويحبونها مجبرة بسبب سياسة احتلال غاشم، لم تنسَ "جوليا" طفلة أنهار أنها حُرمت من والدتها في عز احتياجها لها، ولن تغفر، ستظل تذكر لحظات وحدتها برغم سنها الصغير. أنا ثائر زوجها، أعمل في الداخل المحتل ودعت طفلتي وزوجتي للذهاب لعملي في يوم طبيعي للغاية، ولكن كانت الصدمة إذ تم تبليغي بأن أنهار تم اعتقالها على الحاجز، بدا صوت الهاتف مشوشًا، "شو هل اعتقلت؟". تفاجأت بالخبر ونظرت الفراغ أمامي من هول الصدمة أحاول استعياب ما سمعته منذ قليل.

"مش عارفة كيف بنتي أنهار رح تولد بالسجن، مفترض أكون جنبها وخصوصًا إنها رح تولد بعملية". ابنتي في سجون الاحتلال الإسرائيلي اعتُقلت بحجج واهية، هي وطفلها الذي بأحشائها، لم يراعوا وضعها الصحي، لم نرها منذ الاعتقال غير مرة واحدة في المحكمة فقط، حيث يتم منعنا من الزيارة من قبل الاحتلال، زوجها ثائر زارها مرة واحدة وبعد ذلك تم مصادرة تصريح الزيارة.

تركت أنهار خلفها عائلة كاملة تحبها ويحبونها مجبرة بسبب سياسة احتلال غاشم، لم تنسَ "جوليا" طفلة أنهار أنها حُرمت من والدتها في عز احتياجها لها، ولن تغفر، ستظل تذكر لحظات وحدتها برغم سنها الصغير. أنا ثائر زوجها، أعمل في الداخل المحتل ودعت طفلتي وزوجتي للذهاب لعملي في يوم طبيعي للغاية، ولكن كانت الصدمة إذ تم تبليغي بأن أنهار تم اعتقالها على الحاجز، بدا صوت الهاتف مشوشًا، "شو هل اعتقلت؟". تفاجأت بالخبر ونظرت الفراغ أمامي من هول الصدمة أحاول استعياب ما سمعته منذ قليل.

زوجتي تبلغ من العمر 25 عامًا من قرية كفر نعمة قضاء مدينة رام الله، اعتقلت في الثامن من آذار/مارس للعام الجاري، كانت سعيدة بحملها الذي لم يمضِ عليه سوى أشهر قليلة، ولكن سرعان ما تحولت الفرحة إلى آلام نفسية مبرحة، فالألم النفسي الذي أصابها بسبب ظروف الأسر الصعبة، كان أصعب من أي ألم جسدي آخر، تسببت لها تجربة الاعتقال المريرة في مرض اكتئاب ثنائي القطب.

"نفسيتها تعبانة كتير وخايفة، زرتها مرة وحدة بس"، كنت أتمنى لو أنني أستطيع احتضانها لمرة واحدة لأخفف عنها الحزن الذي رأيته بعينيها التي لطالما أحببتها، كانت امرأة مفعمة بالحب، متحمسة للقاء طفلنا الثاني بعد جوليا، الذي سنسميه علاء، أود فقط أن ينتهي كل هذا الألم لاحتضنه حين تولده أنهار وأقوم بترديد الآذان في أذنه، آمل أن يصبح الحلم حقيقة.

أما صغيرتي جوليا البالغة من العمر عامًا ونصف العام، تظل تسأل عن والدتها وتعانق صورها وتسألنا عنها، وحين تلعب تمسك بالهاتف وتضعه على أذنها وكأنها تحدث أنهارًا، لم تعش جوليا كالأطفال هذا الحمل صعب عليها جدًا، التنقل وعدم الاستقرار في المنزل سيؤثر عليها بكل تأكيد، أحاول أن أكون برفقتها قدر الإمكان، وحين لا أكون موجود تذهب لبيت عائلة أنهار، أو لعائلتي.

تتوارد الأخبار لنا من داخل الأسر، عن حالة أنهار ونفسيتها السيئة ومحاولات الأسيرات معها التخفيف عنها، حيث لا ينفكن عن القول
"شوفي أكم خاله إله .. كلنا خالاته".

فعليًا لا نعلم شيئًا عن إجراءات الولادة داخل الأسر، حيث لا وسيلة تواصل إلا عبر الصليب الأحمر الذي أخبرنا أن الاحتلال يتعمد الاهمال ولم يتجاوب حتى اللحظة للتخفيف عن أنهار إثر وضعها الصحي النفسي والجسدي الصعب، ونحن كعائلتها نطالب مؤسسات حقوق الإنسان بالتدخل الفوري والعاجل للضغط على الاحتلال للإفراج عن أنهار، مع العلم أنه لم يتم إصدار أي حكم بحقها حتى هذه اللحظة.