بنفسج

قصتي.. تحرير دويكات

الثلاثاء 16 مايو

بالرغم من حالتي الميؤوس منها على حد قول الأطباء إلا أن ملاكيّ الحارس، أمي، تراني دائمًا أجمل فتاة في العالم، ناضلت حتى أشفى، لم تترك طبيبًا إلا وعرضتني عليه في طفولتي، وكان يقابل سعيها هذا بتقليل من الناس "شو يا أم تحرير ليش بتدواي فيها، بدك تجوزيها"، لم تأبه وواصلت المسير لأجلي، وتركت ندبات قلبها ليعالجها الزمن، ظلت تبحث عن طبيب يتلوه طبيب حتى عمر السادسة عشر، يوم جاء طبيب روسي لفلسطين فعرضتني عليه، فاقترح عليها أن يكسّر العظام ويجري عملية تطويل، ولكن النتيجة تبقى غير مضمونة، رفضت إجراء العملية خوفًا من أظل مقعدة طوال حياتي، أردت أن أسير واكتشف الحياة حتى ولو بقامتي القصيرة التي تزعج المتنمرين.
تحرير دويكات.jpg

ي وين رايحة خير
رايحة ع الجامعة
أوف جامعة
 تروح تقعد بالدار أحسنلها شو بدو يطلع منها اللي زيها".

كان هذا ملخص حديث دار بين اثنين ينتظرون الحافلة وهم ينظرون بوقاحة إليّ وقد كنت أنتظر الحافلة ستقلني إلى الجامعة، لم أصدم كثيرًا في وقاحة البعض ممن يروني، إذ تعودت على التنمر منذ طفولتي بسبب شكلي، فأنا قصيرة القامة لعيب خلقي إثر نقص الكالسيوم، برغم كل هذا، أرى نفسي مختلفة، جميلة، خُلقت على الأرض لأجل رسالة سامية.

بالرغم من حالتي الميؤوس منها على حد قول الأطباء إلا أن ملاكيّ الحارس، أمي، تراني دائمًا أجمل فتاة في العالم، ناضلت حتى أشفى، لم تترك طبيبًا إلا وعرضتني عليه في طفولتي، وكان يقابل سعيها هذا بتقليل من الناس "شو يا أم تحرير ليش بتدواي فيها، بدك تجوزيها"، لم تأبه وواصلت المسير لأجلي، وتركت ندبات قلبها ليعالجها الزمن، ظلت تبحث عن طبيب يتلوه طبيب حتى عمر السادسة عشر، يوم جاء طبيب روسي لفلسطين فعرضتني عليه، فاقترح عليها أن يكسّر العظام ويجري عملية تطويل، ولكن النتيجة تبقى غير مضمونة، رفضت إجراء العملية خوفًا من أظل مقعدة طوال حياتي، أردت أن أسير واكتشف الحياة حتى ولو بقامتي القصيرة التي تزعج المتنمرين.

أغلقت أذناي عن كل ما هو سلبي، كبرت في ظل العائلة التي لم تفرق يومًا بيني وبين أخوتي، سواء بالتشجيع أو بالعقاب، حين كنت في الثانوية العامة، أصرت أمي عليَّ في الدارسة مصممة أن أنجح، وقالت لي بالحرف الواحد "والله لو ما نجحتي لأخليكي تعيدي توجيهي عشر مرات"، لكن، وقتها، أذكر أنه لم تصلني رسالة تفيد بنجاحي فجلست أبكي، ولكن سرعان ما تداركت نفسي وقلت لهم أشعر بأنني نجحت، وبالفعل، إحساسي صدق وكنت ناجحة في كل المواد، وأسعدت قلب أمي. التحقت بالجامعة في تخصص الخدمة الاجتماعية ثم نلت درجة الماجستير، وتقدمت لوظيفة التربية والتعليم، وحصدت النجاح وأنا الآن أعمل مرشدة تربوية.

واجهتني معيقات كثيرة أثناء رحلتي ولكن تجاوزتها بفضل الله، كنت أعاني من صعوبة حين أصعد بواسطة الدرج، والتنقل بشكل عام بسبب عدم موائمة الأماكن، لكني تحديت نفسي والمجتمع الذي راهن على فشلي، وقال لي اجلسي في البيت، وتعلمت قيادة السيارة واشتريتها وأصبحت أتنقل بسيارتي الخاصة بعيدًا عن الإزعاج، مما فاجئ الجميع وأصبحوا يتسائلون "كيف ستقود السيارة؟

لقد دمجت نفسي في أنشطة مجتمعية عديدة، وتطوعت في عدة مؤسسات ومبادرات، التحقت بمبادرة الرياضة في المدرسة التي أعمل بها لأعلّم الطالبات مهارات شخصية كتعزيز الثقة بالنفس وتقبل الآخر، وأيضًا قمت بالتطوع في النوادي الصيفية كمنسقة ومدربة، وخلال أحداث جبل صبيح في بيتا كنت من ضمن المشاركات في إعداد الطعام للمرابطين على الجبل.

أدعو دائمًا كل الأمهات لتربية أطفالهن بشكل سليم ويعلموهم الاختلاف وعدم التنمر على خلق الله. قبل فترة قصيرة حدث معي موقف أزعجني جدًا، كنت بالسوق أشتري ملابس مع أختي وإذ بطفل لم يتجاوز الخمس سنوات بدأ بمضايقتي في حضور والدته، وحاول أخذ الأغراض من يدي وكدت أقع على الأرض، وما أزعجني أكثر هو تجاهل الأم للأمر.

وأخيرًا، أود مشاركتكم طموحاتي المستقبلية، أود أن أصبح أكبر مؤثرة في العالم، وأوصل رسالة مفادها لا مستحيل وتفاءل بما تهوى يكن لك، وأن أكمل دراسة الدكتوراه في مصر، وأصبح صانعة محتوى لتقديم النصائح للأمهات عن دارية وعلم عن كيفية تنشئة جيل واعٍ ومثقف، وأن أقوم بتأسيس أكاديمية الخريج التي تهدف إلى تعليم الخريج المهارات الأساسية ليتمكن من خوض غمار سوق العمل بجدارة.