بنفسج

قرية القسطل.. تاريخ حافل بالبطولات الفلسطينية

الأربعاء 20 سبتمبر

تاريخ معركة القسطل
تاريخ معركة القسطل

"القسطل" كانت أول قرية فلسطينية تحتلها العصابات الصهيونية، ليسجل تاريخ معركة القسطل في 4 إبريل 1948، سقوط قرية فلسطينية جديدة، في يد العصابات الصهيونية، تمهيدًا لاحتلال القدس.

تقع قرية القسطل في الجهة الغربية لمدينة القدس بمقدار 10 كيلومترات، سميت "بوابة القدس" لموقعها الاستراتيجي الذي يقع فيه طريق القدس يافا الرئيس، التي ترتفع عن سطح البحر بحوالي 525 مترًا، أما القسطل فيقع ارتفاعها ما بين 725 – 790 مترًا. وتربط القسطل بين عدة طرق مثل: صوبا، وقالونيا، وعين كارم، وخربة العمور، وبيت نقوبا، وبيت سوريك، وسطاف.

قرية القسطل الفلسطينية: تاريخ حافل

تاريخ معركة القسطل
قيل عنها بأنها تعد حديقة وليست قرية بسبب صغر مساحتها التي تبلغ 1400 دونم. وهي تعتمد على مدينة القدس في كل الخدمات، إذ لا يوجد بها مرافق خدماتية حيوية. أما عن بيوتها؛ فهي مبنية من الحجر وشكلها العام اتخذ الدائري مما أعطاها شكلًا مميزًا. وتترامى على أطراف القرية أشجار الزيتون بشكل كثيف، إضافة إلى أشجار عدة مصدرها الأساسي في الري الأمطار.

قيل عنها بأنها تعد حديقة وليست قرية بسبب صغر مساحتها التي تبلغ 1400 دونم. وهي تعتمد على مدينة القدس في كل الخدمات، إذ لا يوجد بها مرافق خدماتية حيوية. أما عن بيوتها؛ فهي مبنية من الحجر وشكلها العام اتخذ الدائري مما أعطاها شكلًا مميزًا. وتترامى على أطراف القرية أشجار الزيتون بشكل كثيف، إضافة إلى أشجار عدة مصدرها الأساسي في الري الأمطار، أما ترتيب الأشجار، فكان على شكل شريط طولي يبدأ من الجنوب الغربي بالقسطل ويصل حتى الأراضي المثمرة في قرية صوبا.

والقسطل تعني "الحصن" والتسمية بالإفرنجية "كاستل"، فخُففت للاسم العربي. بقيت القسطل على حالها حتى عام النكبة 1948، إذ هاجمتها العصابات الصهيونية للاستيلاء عليها كونها تقع بموقع إستراتيجي حيوي.

سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى.. فإمّا حياة تسرّ الصديق وإمّا مماتٌ يغيظ العدى.. ونفسُ الشريف لها غايتان ورود المنايا ونيلُ المنى وما العيشُ لا عشتُ إن لم أكن مخوف الجناب حرام الحمى.. بقلبي سأرمي وجوه العداة فقلبي حديدٌ وناري لظى.. وأحمي حياضي بحدّ الحسام فيعلم قومي أنّي الفتى. هذه الأبيات الشعرية للشاعر عبد الرحيم محمود كانت ديدن المناضلين بزعامة عبد القادر الحسيني الذي رفض أن يترك قرية القسطل وحدها في مواجهة العصابات الصهيونية، فظل يحارب برفقة ثلة قليلة من رفاقه لاستعادة القرية من مغتصبيها، والرد على إجرام العصابات التي لم تتوان عن تدمير القرية وقتل أهلها.


اقرأ أيضًا: الأماكن الأثرية في فلسطين: شهادة على أحقية الأرض


ظل الحسيني يقاتل بعتاد قليل، ولم تكن المعركة متكافئة، فطلب المعونة من اللجنة العربية المشتركة، فرفضت تقديم العون بذريعة أن جامعة الدول العربية أوعزتها بالتصرف، وطلبت من الحسيني عدم التحرك بشكل فردي، وقال حينها لهم: "إنني ذاهب إلى القسطل وسأقتحمها وسأحتلها ولو أدى ذلك إلى موتي، والله لقد سئمت الحياة، وأصبح الموت أحب إلى من نفسي من هذه المعاملة التي تعاملنا بها الجامعة، إنني أصبحت أتمنى الموت قبل أن أرى اليهود يحتلون فلسطين، إن رجال الجامعة والقيادة يخونون فلسطين".

تاريخ معركة القسطل

تاريخ معركة القسطل
مقاتلون معركة القسطل

في ظل الهجوم على القسطل كان المقاتلون الفلسطينيون يقاتلون بشراسة، وقال المؤرخ الفلسطيني عارف العارف عن تاريخ معركة القسطل: "إن خمسين رجلًا من مجاهدي القرية دافعوا عنها، ولم ينسحبوا إلا عند نفاذ ذخائرهم".

كانت قوات البلماح الإسرائيلية تقتل بدم بارد سكان القرية، وتهدم كل ما هو موجود بالقرية حتى وصلت إلى مسجدها. وقد أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" على لسان المناضل عبد القادر الحسيني عن هدم المسجد "إن تدمير المسجد يعتبر عملًا شائنًا، وأن المسجد لم يستعمل قط إلا للعبادة".

تمكن العصابات الصهيونية بعد معارك استمرت، من الاستيلاء على قرية القسطل، ليكون تاريخ معركة القسطل شاهدا على تهجير ساكنيها، بعدما قاتل مناضلوها حتى الرمق الأخير، وعلى رأسهم عبد القادر الحسيني الذي رفض رفضًا قاطعًا الخروج منها حتى استُشهد على أرضها، فطويت مسيرته المليئة بالنضال.

تجدر الإشارة إلى أن المؤرخين يعتبرون أن تاريخ معركة القسطل، من أهم وأبرز المعارك التي جرت في تلك الحقبة الزمنية على الرغم من احتلالها، وكان عبد القادر الحسيني هو الجندي الأهم في المعركة، لأنه رفض التخلي على الرغم من وقوف العرب ضده وعدم مساعدته بالجنود والسلاح، فظل وحيدًا يخطط وينفذ رفقة رفاقه القلة، عرفنا اسم هذا الرجل مناضلًا منذ بداية حياته في طريق الجهاد فهو أول من بدأ الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، إذ وجه سلاحه وأطلق النيران ضد ثكنة عسكرية في بيت سوريك، فانقلبت الأوضاع رأسًا على عقب واندلعت الثورة ضد الاستعمار البريطاني والهجرة اليهودية الممنهجة لفلسطين.

كما كانت القسطل أول قرية تحتلها العصابات الصهيونية، وفور مهاجمتها بدأ الأهالي بنداء الثوار للمجيء للقتال في الجبهة، فكان على رأسهم الحسيني الذي جاء من دمشق وتقدم المعركة يقاتل جنبًا لجنب مع المقاتلين.

قرى فلسطين المهجرة: القسطل

تاريخ معركة القسطل

 

وتعد القرية واحدة من مئات القرى المهجرة قبل وبعد النكبة عام 1948، والتي تعرضت أيضًا لمجازر استشهد خلالها آلاف الفلسطينيين وهم يتصدون لمحاولات الاحتلال للسيطرة عليها، إذ دُمِّرت أكثر من 530 قرية فلسطينية عام 1948، واستشهد قرابة 13 ألف فلسطيني، وهُجِّر أكثر من 750 ألفاً من بيوتهم ليصبحوا لاجئين.

 

بعد احتلال القرية، وتحديدًا في عام 1951، أُقيمت في القرية مستعمرة معوزتسيون، ثم بعد ذلك دمجتها سلطات الاحتلال مع مستعمرة مفسيرت يروشلايم المقامة على أراضي قرية قالونيا في العام 1956 ليصبح اسمها مفسيرت تسيون. ومع تغيير الأسماء واللعب بالتاريخ يظل الفلسطينيون يعرفونها باسم القسطل وبجانبها قالونيا، ويحفظون عن ظهر قلب القرى التي تحيط بهما.

ما زالت قرية القسطل تحتفظ بركام المنازل والأحجار المترامية بعد تدميرها، وتنمو الأعشاب من بين الركام الشاهد على إجرام الاحتلال، لتبقى أنقاض القلعة ثابتة على قمة الجبل، منذ تاريخ معركة القسطل، والزائر للقسطل يرى الخنادق التي كانت تحمي المقاتلون الفلسطينيون، فيسرح بالذاكرة لتخيل المشهد الذي دار في أركان كل زاوية بالقرية.


اقرأ أيضًا: قبيل النكبة وبعدها: الشهابي تنظم الجهود النسائية


وتعد القرية واحدة من مئات القرى المهجرة قبل وبعد النكبة عام 1948، والتي تعرضت أيضًا لمجازر استشهد خلالها آلاف الفلسطينيين وهم يتصدون لمحاولات الاحتلال للسيطرة عليها، إذ دُمِّرت أكثر من 530 قرية فلسطينية عام 1948، واستشهد قرابة 13 ألف فلسطيني، وهُجِّر أكثر من 750 ألفاً من بيوتهم ليصبحوا لاجئين.

الآن حوّل الاحتلال موقع قرية القسطل إلى محمية طبيعية وحديقة، ووضع فيها نواصب تذكارية لقتلاهم، في معركة القسطل، ومع هذا كله ورغم الطمس التي شهدته القرية، إلا أن تاريخ معركة القسطل سيظل يذكرنا بالمجزرة التي ارتُكبت فيها وهمجية العصابات الصهيونية، وسرقة ممتلكات الفلسطينيين.