بنفسج

حين تقسو الأم.. عن الخطيئة التي لا تُغتفر

الثلاثاء 07 مارس

القصص في الدار تقريبًا مُتشابهة، باختلاف الأسماء والأعمار، الألم تقريبًا مذاقه واحد، والمرارة في كل جوف منهن عالقة، والظروف قاسية عليهن جدًا، وقلوبهن جائعة وأعتقد أنها لن تشبع.  لفظتهن أُمهاتهن، وطُردن من بُيوتهن، وحُرمن من السكن والتعليم والحياة السوية، وغدًا سيُنظر لهن المُجتمع نظرة دُونية، لأنهن خطيئة الكبار الذين جهلوا ماذا يعني بِر الأبناء. 

 تجذبني من أطراف ثيابي، فأنظر لهذا الكائن الذي لا يتجاوز طوله رُكبتي، ثُم أجلس في وضع القُرفصاء ليتساوى الطول بيننا، وتقترب المسافات.  چنة، اِسمُها چنة، طفلة جميلة، خفيفة الظل، وليست مُطيعة، عنيدة، ذكية، ومُشاغبة.  وللحق، أنا أُحب الأطفال اللذين نقول عليهم "أشقياء" إن جئنا للحق نحن الأشقياء، المُتعِبين، المُتعَبين، لكن هم رُوح المكان، رُوح العالم بآسره، صوت الملائكة آينما حلّت في أي بقعة على الأرض. 

طلبت مني چنة أن أُهاتف أُمها، لتحضر حفل عيد ميلادها، لقد اشترت لها "چنة" كارتًا مكتوب عليه بخطٍ مرتعش "بحبك ياماما".  طلبتُ من چنة أن تمنحني الوقت وتصبر قليلًا، عقدت حاجبيها ووضعت ذراعها الصغير على خصرها وردت "لحد امتى". 

ابتعلتُ ضحكتي، فأنا مُعلمتها ويجب عليَ أن ألتزم بالقليل من الحزم، أنا أُحاول طوال الوقت، لكنني أريد أن أخلع رداء الكبار وأركض معهن حتى أرتمي على الأرض مثلهن. كذبتُ عليها وأخبرتها أنني اتصلت بالفعل بأُمها، وأنها ستحضر، لكن الحقيقة أن أُمها اعتذرت عن الحضور، وأخبرتني أنها لن تحضر مرة ثانية، لأن زوجها يرفض أي اتصال بشيء يُذكرها بزوجها الأول. 

القصص في الدار تقريبًا مُتشابهة، باختلاف الأسماء والأعمار، الألم تقريبًا مذاقه واحد، والمرارة في كل جوف منهن عالقة، والظروف قاسية عليهن جدًا، وقلوبهن جائعة وأعتقد أنها لن تشبع.  لفظتهن أُمهاتهن، وطُردن من بُيوتهن، وحُرمن من السكن والتعليم والحياة السوية، وغدًا سيُنظر لهن المُجتمع نظرة دُونية، لأنهن خطيئة الكبار الذين جهلوا ماذا يعني بِر الأبناء. 

للأبناء أيضًا بِر مثل الوالدين، حق عليهم الحياة الكريمة والبيت السوي، حق عليهم الاختيار الجيد للأب والأم، حق عليهم تطبيبهم، وتعليمهم، ومنحهم المحبة الكاملة، وحق على المُجتمع أن يخرج له نماذج سوية أخلاقيًا ونفسيًا، فكفى بالسجون ودور الأحداث والرعاية نُزلاء، وما خفي في البيوت كان أشد إيلامًا.