بنفسج

قصتي.. صفاء أبو سنينة

الخميس 09 مارس

أسرح مع نفسي أحيانًا وأتأمل الوجوه لأطبعها جيدًا في الذاكرة، هنا الأسيرة القاصر التي لم تر من الدنيا شيئًا بعد، تخطط للمستقبل بأمل كبير داعية أن يُفرج الله كربها وكرب كل الأسيرات. سألت نفسي مرارًا كيف ستمر الأيام هنا؟ هل الشوق سيقتلنا حقًا؟ ماذا تغير في الخارج؟ البدايات صعبة ووالله تظل الأسئلة كالمطارق تدك أركان  عقلك، ولكنه لزامًا عليك أن تتجاوز، ولكن هل نعتاد؟ لا لن نعتاد أبدًا. كيف نعتاد السجن! كيف نعتاد القهر! يقيني كان رفيقي الأول هناك، كنت أنتظر بشوق ليوم الحرية ،ونلتها بالفعل، واسأل الله أن ينلن كل الأسيرات حريتهن قريبًا.

في الثاني من أغسطس من العام ٢٠١٨ ، و بمجرد دخولي للمكان اختلست النظرات هنا وهناك أحاول أن أحفظ المكان جيدًا، وأستوعب هل حقًا أنني هنا أخوض التجربة التي لطالما سمعت عنها من أصحابها، أخذت نفسًا عميقًا وجلست راضية بما قضاه الله عليَّ، وها أنا أسيرة في سجن "الشارون" أتعلم أصول الحياة هنا، كنت كطالب دخل لتوه إلى صفه الأول في مدرسته الأولى، تعلمت كل كلمات الأسر من فورة وبرش وخلافها من الكلمات. 

علمت كيف يشتاق المرء لذكرياته، لحريته في المكان الذي يُحب، عرفت الاشتياق الحقيقي خلف الأسوار، وزادي في رحلتي كان إيماني وصبري وذكرياتي ، وأنيسي رفيقات الأسر اللواتي أحببتهن وأحبوني، فكن هن  الأخت وألم والصديقة .  تأملت جيدًا في "الشارون" الممر الضيق والأبراش وبلاطة الطبخ، ما زلت أذكر كل شيء حتى اللحظة، وكيف تُنسى آهات الاشتياق وقلة الإمكانات هناك. قضيت أيامًا عديدة أراقب أصغر فعل هنا من دق الشبابيك، وحتى الطبخ وجلساتنا سويًا. 

أسرح مع نفسي أحيانًا وأتأمل الوجوه لأطبعها جيدًا في الذاكرة، هنا الأسيرة القاصر التي لم تر من الدنيا شيئًا بعد، تخطط للمستقبل بأمل كبير داعية أن يُفرج الله كربها وكرب كل الأسيرات، وأم مثلي دق في قلبها ناقوس الشوق لاحتضان الأبناء حضن لا فراق بعده ، هنا نحن لسنا أرقام بل كل منا هو حكاية وحروف كثيرية وممتدة امتداد الصبر والأشواق . 


اقرأ أيضًا: قاسم وإيناس عصافرة: زوجان في زنزانتين


سألت نفسي مرارًا كيف ستمر الأيام هنا؟ هل الشوق سيقتلنا حقًا؟ ماذا تغير في الخارج؟ البدايات صعبة ووالله تظل الأسئلة كالمطارق تدك أركان  عقلك، ولكنه لزامًا عليك أن تتجاوز، ولكن هل نعتاد؟ لا لن نعتاد أبدًا. كيف نعتاد السجن! كيف نعتاد القهر! يقيني كان رفيقي الأول هناك، كنت أنتظر بشوق ليوم الحرية ،ونلتها بالفعل، واسأل الله أن ينلن كل الأسيرات حريتهن قريبًا.