بنفسج

"حمّى الشراء": عن هوس الاقتناء في أزمة الكورونا

الثلاثاء 07 يوليو

هلع، وقلق، وأزمة عالمية كارثية، كانت تلك الكلمات التي يرددها إلياس المصري الأصل القاطن في إيطاليا، بعد تفشي فايروس " كورونا" في العالم أجمع. لم يكن وحده من يعاني من اضطراب القلق الشديد من الإصابة بالمرض. أصابته وساوس عديدة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل بعد قرار الحظر لديهم. اتجه مباشرة للمول القريب من بيته ليبدأ بشراء حاجيات لمنزله ولعائلته. بين رفوف المتجر كان متوترًا خائفًا يتنقل بحذر، أصبح يشتري كل ما يلزمه وما لا يلزمه. عربة التسوق الخاصة به أصبحت لا تتسع لمزيد من الأغراض، ولكنه استمر في جلب كل ما يراه أمامه.

 فايروس "كورونا" حول العالم لبؤرة مشتعلة من الخوف وأثار قلق الملايين حول العالم، وعزز مخاوفهم في أن يصبح الأمر أشبه بسيناريو كارثي يصعب التعامل معه، لا سيما بعد إعلان منظمة الصحة العالمية عن انتشاره ووصفه بــــــ"الجائحة العالمية".

بهذا، باتت صور الرفوف الفارغة وطوابير الاتنظار في المتاجر الكبرى، الأكثر تداولًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما أدى لإصابة الناس بالهلع والتهافت نحو المتاجر، والإصابة بما يسمى بـــ"حمّى الشراء"، وتخزين المشتريات بكميات تفوق احتياجهم؛ من أجل التعامل مع هذا الوضع الذي لم يكن بالحسبان. لدرجة أن بعض الدول اضطرت إلى التهديد بتحديد سقف المشتريات الاستهلاكية للمواطنين، ما لم يتغير السلوك الاستهلاكي المفرط، من أجل الحفاظ على المخزون الاستراتيجي منها.

 | استهلاك فوق الحاجة

لعل أبرز السلبيات الناتجة عن هذا النمط من الاستهلاك، هو الاختلال في التوازن الاقتصادي في المجتمع القائم على حرمان الآخرين من السلع الأساسية

في الوقت الذي يقوم البعض بتكديسها، ولربما إتلافها لاحقًا وزيادة سعر السلعة في السوق؛ نتيجة لاستمرار زيادة الطلب عليها ولو حتى على المدى البعيد، ويمثل سوء الاستهلاك تهديدًا قويًا لأي مخزون مهما كانت قوته.

لعل أبرز السلبيات الناتجة عن هذا النمط من الاستهلاك، هو الاختلال في التوازن الاقتصادي في المجتمع القائم على حرمان الآخرين من السلع الأساسية، في الوقت الذي يقوم البعض بتكديسها، ولربما إتلافها لاحقًا وزيادة سعر السلعة في السوق؛ نتيجة لاستمرار زيادة الطلب عليها ولو حتى على المدى البعيد.

ويمثل سوء الاستهلاك تهديدًا قويًا لأي مخزون مهما كانت قوته، نظرًا لتباطؤ تدفقات السلع الغذائية على مستوى العالم، وفي ذلك يقول الخبير الاقتصادي جيسي كولومبو وهو من الذين تنبؤا بالأزمة المالية العالمية عام 2008: "تداعيات فيروس كورونا هي الأخطر حاليًا لأنها ستمتد إلى جميع مناحي الحياة خاصة الاقتصاد، وهناك بوادر أزمة اقتصادية عالمية بسبب تباطؤ الإنتاج في عدة دول وتعطيل مناحي الحياة".

ولكن هل يدعو الأمر فعلا إلى القلق؟ بعد التتبع لسلوك المستهلكين مؤخرًا، نجد أن هناك جملة من الأسباب تفسر لنا حالة ما يسمى بالهلع الشرائي:

 | خوف: الخوف من المجهول في أوقات الأزمات وتعزيز الشعور بالأمان، ففي هذه الظروف الغامضة يشعر الناس بفقدان السيطرة على روتين حياتهم اليومية ويلجأون إلى الشراء بشراهة غير مخططة.

 | حجم الحدث: الاعتقاد بأن الاستجابة يجب أن تناسب حجم الحدث، وأن إجراء غسل اليدين وتعقيمها الذي ينادي به الأطباء لا يتناسب مع حجم الكارثة؛ لذا يؤثرون إهدار المال على شراء سلعا تفوق احتياجاتهم.

 | العقلية: تلعب عقلية القطيع دورًا مهمًا في دفع الناس للشراء غير المخطط وبتلك الكميات.

 | عدم ثقة: انخفاض ثقة المواطنين في قدرة حكوماتهم على إدارة الأزمة.

 | خطأ بالانطباع: انطباع خاطئ بندرة السلع نظرا للإقبال الكبير عليها.

 | اختلال التوريد: الخوف من اختلال سلاسل التوريد والإنتاج العالمية بسبب تفشي الفيروس في الصين والتي تعد الحلقة الأقوى في سلسلة التوريد العالمية.

 لا نستطيع إنكار خطورة الوضع الراهن، ولكن لا بد لنا من التروي والتصرف بقليل من الحكمة، فالحيطة واجبة ولكن كيف؟ غالبية التوصيات تجمع على حاجتنا لتخزين أدوية تكفينا لمدة شهر على الأقل، ونقصد بتلك التي نحتاجها في حياتنا اليومية، من مسكن ألم وخافض حرارة، أدوية للسعال، آلام المعدة، صندوق إسعافات أولية وميزان حرارة بلا شك. وأدوية الأمراض المزمنة في حال كان هناك فرد من العائلة يعاني منها.

أما بخصوص الغذاء يجب مراعاة تخزين مواد لا تفسد بسرعة، من البقوليات والنشويات مثلا: كالعدس، الأرز، الحبوب، والزيوت وبعض من المعلبات مثل التونة والفول. بالإضافة لمنتجات مجمدة من اللحوم والخضار والفواكه المفرزة، ووجبات خفيفة مثل الفواكه المجففة، وقليل من الشوكولاتة لتحسين المزاج.

إذا كان لديك أطفال في الأسرة، من الضروري شراء حاجتهم من الحليب والحفاظات، ولكن انتبهي لتاريخ انتهاء صلاحية المنتج لكل السلع عند الشراء. والجزء المهم لمحاربة هذا الفيروس هو النظافة، فلا ننسى المنظفات والمعقمات وصابون غسل الأيدي.